الفصل الثاني في جملة من مباحث التخصيص أصل اختلف القوم في منتهى التخصيص إلى كم هو، فذهب بعضهم إلى جوازه حتى يبقى واحد. وهو اختيار المرتضى، والشيخ [1]، وأبي المكارم ابن زهرة [2]. و قيل: حتى يبقى ثلاثة. وقيل: اثنان. وذهب الأكثر ومنهم المحقق إلى أنه لا بد من بقاء جمع يقرب [3] من مدلول العام، إلا أن يستعمل في حق الواحد على سبيل التعظيم. وهو الأقرب.
لنا: القطع قول القائل: " أكلت كل رمانة في البستان "، وفيه آلاف وقد أكل واحدة أو ثلاثة. وقوله: " أخذت كل ما في الصندوق من الذهب " وفيه ألف، وقد أخذ دينارا إلى ثلاثة. وكذا قوله: " كل من دخل داري فهو حر "، أو " كل [4] من جاءك، فأكرمه "، وفسره بواحد أو ثلاثة، فقال: " أردت زيدا أو هو مع عمرو وبكر ". ولا كذلك لو أريد من اللفظ في جميعها كثرة قريبة من مدلوله.
احتج مجوزوه إلى الواحد بوجوه:
الأول: أن استعمال العام في غير الاستغراق يكون بطريق المجاز، على ما هو التحقيق، وليس بعض الافراد أولى من البعض، فوجب جواز استعماله في