فيهما. و حيث أنا استظهرنا من الأدلة- في مقام الإثبات- أن قاعدة الفراغ و قاعدة التجاوز قاعدتان مستقلتان. و أن ملاك إحداهما الشك في الصحة مع إحراز الوجود، و ملاك الأخرى الشك في الوجود، فلا مجال لتوهم كون أدلة قاعدة التجاوز مقيدة للإطلاقات الواردة في قاعدة الفراغ. و مجرد إمكان كونهما مجعولتين بجعل واحد في مقام الثبوت لا يوجب ذلك.
و (ثانياً)- ان الدخول في الغير مما لا بد في اعتباره في قاعدة التجاوز مع قطع النّظر عن الصحيحة و الموثقة. إذ المراد من التجاوز في قاعدة التجاوز هو التجاوز عن محل الشيء المشكوك فيه. و هو لا يتحقق إلا بالدخول في الغير. و لذا ذكرنا أن ذكر الدخول في الغير قيد توضيحي. و أنه يفهم اعتبار الدخول في الغير من اعتبار نفس التجاوز عن محل الشيء المشكوك فيه. بخلاف المضي المذكور في قاعدة الفراغ، فان المراد منه مضي نفس المشكوك فيه، و هو يتحقق بالفراغ منه و لو مع عدم الدخول في الغير، فاعتبار الدخول في الغير في موارد قاعدة التجاوز إنما هو لكونه مقوماً لموضوع التجاوز لا لأمر آخر اعتبر في جريان القاعدة بعد صدق التجاوز خارجاً.
فلو فرض تحقق عنوان التجاوز- بدون الدخول في الغير كما في موارد قاعدة الفراغ- لم يكن موجب لتقييده بالدخول في الغير.
و مما يتوهم كونه مقيداً للإطلاق موثقة ابن أبي يعفور، و هي قوله عليه السلام:
«إذا شككت في شيء من الوضوء و قد دخلت في غيره، فليس شكك بشيء، إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه» فان موردها قاعدة الفراغ، لعدم جريان قاعدة التجاوز في الوضوء للنص الخاصّ. و بما انه قد ذكر فيها الدخول في الغير، فلا بدّ من اعتباره في جريانها.
و فيه (أولا)- ما ذكرناه سابقاً من إجمال هذه الموثقة و عدم صلاحيتها