بالشك بعد الفراغ من الوضوء و وجوب الاعتناء به قبل الفراغ منه، فيقع التعارض بينها عكساً و بين الروايات الدالة على قاعدة التجاوز، فانها بعمومها تدل على عدم الاعتناء بالشك في جزء بعد الدخول في جزء آخر، فلا وجه لجعل أدلة قاعدة التجاوز حاكمة على أدلة قاعدة الفراغ.
فتحصل مما ذكرناه في المقام إمكان أن يكون المجعول أمراً واحداً يسمى بقاعدة الفراغ (تارة) و بقاعدة التجاوز (أخرى) بإرجاع قاعدة الفراغ إلى قاعدة التجاوز، لا العكس على ما ذكره المحقق النائيني (ره). هذا كله في مقام الثبوت و الإمكان. و أما مقام الإثبات و الوقوع، فهل المستفاد من الأدلة كون المجعول أمراً واحداً أو أمرين؟ فلا بدّ من النّظر إلى الأدلة و البحث عن مفادها.
فنقول: أما الروايات الواردة في قاعدة الفراغ، فهي كثيرة يختص بعضها بالطهارات، و بعضها بالصلاة. و هناك روايتان: (إحداهما)- [1] خاصة بالطهارة و الصلاة. (ثانيتهما)- [2] لا تختص بمورد، بل هي شاملة للطهور و الصلاة و غيرهما.
و الظاهر من لفظ المضي في هذين الخبرين هو مضي الشيء المشكوك فيه حقيقة. و حمله
______________________________ [1] نقل في الوسائل عن محمد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبد اللَّه عن موسى ابن جعفر عن أبي جعفر عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن الحسن بن علي بن فضال عن عبد اللَّه بن بكير عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: «كل ما مضى من صلاتك و طهورك فذكرته تذكراً فأمضه، و لا إعادة عليك فيه».
[2] و في الوسائل أيضا عن محمد بن الحسن عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن بكير عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال عليه السلام: «كل ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو» موثقة.