- على مضي محل المشكوك فيه بتقدير لفظ المحل أو من باب الإسناد المجازي- يحتاج إلى القرينة، فيكون مفادهما عدم الاعتناء بالشك في شيء بعد مضي هذا الشيء المشكوك فيه. و لا يصدق المضي إلا بعد الوجود، فانه من الواضحات المعروفة أن ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له، فيكون مفادهما قاعدة الفراغ فقط. دون قاعدة التجاوز. نعم لا نضايق عن دلالتهما على قاعدة الفراغ بالنسبة إلى الجزء أيضا، كما إذا شك في صحة التكبير مع العلم بوجوده لشمول لفظ الشيء للكل و الجزء كما تقدم.
و بالجملة لو كنا و هذين الخبرين، لم نستفد منهما قاعدة التجاوز أصلا، إلا أنه هناك روايتان تدلان على قاعدة التجاوز: (الأولى)- صحيحة زرارة (الثانية)- موثقة إسماعيل بن جابر. و قد تقدمت الإشارة[1] إليهما عند نقل كلام المحقق النائيني (ره). و من المعلوم أن المراد من الخروج من الشيء المشكوك فيه المذكور في الصحيحة هو الخروج عن محله، إذ لا يصدق الخروج عن الركوع مثلا مع فرض الشك في وجوده، فالمراد هو الشك في وجوده مع الخروج عن محله.
و كذا المراد من التجاوز عن الشيء المشكوك فيه المذكور في الموثقة هو التجاوز عن محله، فيكون مفادهما قاعدة التجاوز بمعنى عدم الاعتناء بالشك في شيء بعد التجاوز عن محله.
فتحصل مما ذكرناه أن المستفاد من ظواهر الأدلة كون القاعدتين مجعولتين بالاستقلال، و أن ملاك إحداهما غير ملاك الأخرى، فان ملاك قاعدة الفراغ هو الشك في صحة الشيء مع إحراز وجوده، و ملاك قاعدة التجاوز هو الشك في وجود الشيء بعد التجاوز عن محله، و إذاً لا بد من البحث عن كل واحدة منهما منفردة من حيث
[1] قد تقدم ذكرهما هناك في ذيل الصفحة( 276) فراجع.