اليقين بالشك» ناظر إلى جهة طريقية اليقين، كما أنها ذاتية له، فلا يشمل موارد القاعدة، لأن طريقية اليقين فبها قد زالت بتبدله بالشك الساري. و دعوى- أن المشتق موضوع للأعم من المتلبس و المنقضي عنه المبدأ فيشمل موارد الاستصحاب باعتبار وجود اليقين الفعلي و موارد القاعدة باعتبار وجود اليقين السابق- مدفوعة، بأن الوضع للأعم على تقدير التسليم إنما هو في المشتقات الاصطلاحية كاسم الفاعل و المفعول و أمثالهما، لا في الجوامد و ما هو شبيه بها. و المذكور في الأخبار لفظ اليقين و هو من الجوامد، أو شبيه بها في عدم كونه موضوعاً للقدر المشترك بين وجود صفة اليقين و عدم وجودها.
نعم لو كان المذكور في الأخبار لفظ المتيقن، لأمكن دعوى شموله للمتيقن باليقين السابق باعتبار كون المشتق موضوعاً للأعم من المتلبس و المنقضي عنه المبدأ.
(إن قلت): لا مانع من شمول الأخبار لموارد القاعدة باعتبار وجود اليقين سابقاً، فيكون المعنى لا تنقض اليقين الّذي كان موجوداً بالشك. (قلت): هذا المعنى خلاف الظاهر، فان ظاهر قوله عليه السلام: «لا تنقض اليقين بالشك» هو حرمة نقض اليقين الفعلي بالشك.
(الوجه الثالث)- أن المتيقن غير مقيد بالزمان في باب الاستصحاب و مقيد به في القاعدة، فلا يمكن الجمع بينهما في دليل واحد. (توضيح ذلك) أن اجتماع اليقين و الشك في شيء واحد- على نحو يكون زمانهما واحداً مع وحدة زمان متعلقهما- مستحيل بالضرورة، فلا بدّ في اجتماعهما في شيء واحد من الاختلاف في الزمان: إما من حيث المتعلق كما في موارد الاستصحاب، فان متعلق اليقين هو عدالة زيد يوم الجمعة مثلا، و متعلق الشك هو عدالته يوم السبت سواء كان حدوث اليقين و الشك في زمان واحد، أو في زمانين. و إما من حيث نفس اليقين و الشك كما في موارد القاعدة، فان متعلق اليقين و الشك فيها هو عدالة زيد يوم الجمعة مثلًا،