جعل القطع بشيء موضوعاً لوجوب التصدق مثلا، تكون نسبة القطع إلى وجوب التصدق هي نسبة الخمر إلى الحرمة، فكما ان الحرمة ليست مستنبطة من الخمر بل مستنبطة من الأدلة الدالة على حرمة الخمر، كذلك وجوب التصدق ليس مستفاداً من القطع بل من الأدلة الدالة على وجوب التصدق عند القطع بشيء، فالبحث عن القطع الموضوعي أيضاً ليس داخلا في علم الأصول. نعم القواعد التي يستنبط منها وجوب التصدق عند القطع بشيء تكون من المسائل الأصولية كما هو ظاهر.
(الأمر الثاني)- أنه هل المراد من المكلف المذكور في كلام شيخنا الأعظم الأنصاري (ره) هو خصوص المجتهد أو الأعم منه و من المقلد؟
مقتضى الإطلاق الثاني، و هو الصحيح، لعدم اختصاص الأقسام و ما يذكر لها من الأحكام بالمجتهد. و توضيح المقام يقتضي التكلم في مقامات ثلاثة:
1- في بيان حكم المجتهد بالنسبة إلى تكليف نفسه.
2- في بيان حكم المقلد بالنسبة إلى تكليفه.
3- في بيان حكم المجتهد بالنسبة إلى تكليف مقلديه.
(أما المقام الأول)- فلا إشكال في أن المجتهد إذا التفت إلى حكم شرعي متعلق بنفسه، فاما أن يحصل له القطع أو يقوم عنده طريق معتبر، أو لا هذا و لا ذاك. فعلى الأول يعمل بقطعه، و على الثاني يعمل بما قام عنده من الطريق و على الثالث يرجع إلى الأصول العملية على ما سيجيء من التفصيل في مجاريها إن شاء اللَّه تعالى، بلا فرق في جميع ذلك بين الحكم الواقعي و الظاهري.
و (اما المقام الثاني)- فالظاهر أن المقلد كالمجتهد في الأحكام المذكورة، فان حصل له القطع بحكم من الأحكام عمل به بلا حاجة إلى الرجوع إلى المجتهد و إن لم يحصل له القطع، فان قام عنده طريق معتبر و ليس إلا فتوى المجتهد عمل