(الأمر الأول)- أنه لا ينبغي الشك في أن مبحث القطع ليس من مسائل علم الأصول، إذ قد عرفت في أول بحث الألفاظ أن المسألة الأصولية هي ما تكون نتيجتها- على تقدير التمامية- موجبة للقطع بالوظيفة الفعلية، و اما القطع بالوظيفة فهو بنفسه نتيجة، لا انه موجب لقطع آخر بالوظيفة، و إن شئت قلت:
إن المسألة الأصولية ما تقع نتيجتها في طريق استنباط الحكم الفرعي بحيث لو انضم إليها صغراها أنتجت حكما فرعياً. و من الظاهر أن القطع بالحكم لا يقع في طريق استنباط الحكم، بل هو بنفسه نتيجة.
و بالجملة القطع بالحكم ليس إلا انكشاف الحكم بنفسه، فكيف يكون مقدمة لانكشافه كي يكون البحث عنه من المسائل الأصولية: و يزداد هذا وضوحاً بتذكر ما أسلفناه في بيان فهرس مسائل علم الأصول و لا حاجة إلى الإعادة، و بما أن القطع بالوظيفة نتيجة المسائل الأصولية- إذ العلم بالوظيفة من لوازم العلم بالمسائل الأصولية بعد ضم الصغرى إليها- ناسب البحث عنه في الأصول استطراداً. و باعتبار أن مرجع البحث عن حجية القطع إلى صحة العقاب على مخالفته يكون شبيهاً بالمسائل الكلامية الباحثة عن المبدأ و المعاد و ما يصح عنه تعالى و ما لا يصح.
هذا كله في القطع الطريقي، و أما القطع الموضوعي فهو و إن كان دخيلا في فعلية الحكم إلا أن نسبته إليه هي نسبة سائر الموضوعات إلى الأحكام، فإذا