ذلك، بأن يكون الداعي إلى الفعل أو الترك ميله النفسانيّ، و تكون داعوية امر المولى أو نهيه مندكا فيه. و لا إشكال في عدم صحة العبادة و عدم حصول الامتثال في هذه الصورة، فان الفعل أو الترك لم يستند في الحقيقة إلى امر المولى و نهيه، كما هو ظاهر. و (ثالثة) يكون قصد القربة و الداعي النفسانيّ كلاهما داعيا إلى الفعل أو الترك. و هذه الصورة تتصور على وجهين:
(الأول)- ان يكون كل منهما دخيلا في تحقق الفعل أو الترك، بأن يكون كل واحد منهما جزء للسبب و لا ينبغي الإشكال في عدم صحة العبادة و عدم حصول الامتثال بعد عدم كون أمر المولى أو نهيه كافيا و مؤثرا في تحقق الفعل أو الترك، و لذا ورد في الحديث حكاية عنه تعالى: (انا خير شريك من عمل لي و لغيري جعلته لغيري).
(الثاني)- ان يكون كل واحد منهما سببا تاما في عالم الاقتضاء، بمعنى ان يكون كل واحد منهما كافيا في تحقق الفعل أو الترك مع عدم الآخر، و ان كان صدور الفعل خارجا مستندا إليهما فعلا، لاستحالة صدور الواحد من السببين المستقلين في التأثير. و الأقوى فيه أيضا هو الحكم بصحة العبادة، و حصول الامتثال لصحة استناد الفعل إلى امر المولى، بعد كونه سببا تاما في التأثير.
بقي الكلام في مسألتين: (المسألة الأولى)- أنه إذا شككنا في ان الدخول في محل الابتلاء معتبر في صحة التكليف أم لا، أو شككنا في كون بعض الأطراف خارجا عن محل الابتلاء من جهة الشك في مفهومه و عدم تعين حده، بناء على اعتبار الدخول في محل الابتلاء في صحة التكليف، فهل يرجع إلى إطلاقات أدلة التكليف و يحكم بالتنجيز في الطرف المبتلى به، أو إلى أصالة البراءة؟
ذهب شيخنا الأنصاري (ره) و تبعه المحقق النائيني (ره) إلى الأول، بدعوى