فالعلم بوقوع النجاسة فيه أو في غيره لا يوجب علما بحدوث تكليف جديد، فلا يقاس المقام بذلك- مدفوع بأن سبق النجاسة في أحد الإناءين لا يضر بالعلم بالتكليف الفعلي المردد بين كونه ثابتا من الأول و حدوثه فعلا، فلو أمكن جعل الحكم الظاهري و الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي في هذا الفرض أمكن في غيره أيضا، لوحدة الملاك إمكانا و امتناعا. و ان شئت قلت ان العلم الإجمالي لا يزيد على العلم التفصيليّ، فكما يجوز ان يكتفي الشارع في مورد العلم التفصيليّ بالتكليف بالامتثال الاحتمالي كما في موارد قاعدة الفراغ و التجاوز، كذلك يجوز له الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي في موارد العلم الإجمالي بطريق أولى.
و (ثانيا)- الحل بأن موضوع الأصول انما هو الشك في التكليف، و هو موجود في كل واحد من الأطراف بخصوصه، فان احتمال انطباق التكليف المعلوم بالإجمال انما هو عين الشك في التكليف. فتحصل من جميع ما ذكرناه في المقام انه لا مانع من جعل الحكم الظاهري في بعض الأطراف بحسب مقام الثبوت المقام الثالث في البحث عن شمول دليل الحكم الظاهري لجميع الأطراف و عدمه. و ليعلم ان الحكم الظاهري قد يكون مستفادا من الأمارة، و قد يكون مستفادا من الأصل التنزيلي أو الأصل غير التنزيلي. اما الأمارات فقد عرفت استحالة جعل الحجية لها في جميع الأطراف، بلا فرق بين ان يكون مؤدى الأمارات حكما إلزاميا، و المعلوم بالإجمال حكما غير إلزامي، و بين ان يكون عكس ذلك، و اما الأصل فاختار شيخنا الأنصاري (ره) عدم شمول دليله للمقام، لاستلزامه التناقض بين الصدر و الذيل، باعتبار ان مقتضى إطلاق الصدر في مثل قوله عليه السلام (كل شيء هو لك حلال حتى تعرف انه حرام) هو جريان الأصل في أطراف العلم الإجمالي، إذ كل واحد من الأطراف بخصوصه مشكوك فيه مع قطع النّظر عن الآخر. و مقتضى إطلاق العلم في ذيله الّذي