إليه وبالجملة فساد العقل باقسامه هو الجنون والمتصف به المجنون الا إذا كان فسادا قليلا لا يدرك اولا يلتفت إليه اهل العرف وخفته بالنسبة الى عقول غالب الناس هو السفاهة الا إذا كانت الخفة قليلة لا يلتفت إليه في العرف سوآء كانت الخفة لاجل عدم بلوغه حد الكمال كالصبيان أو لقصور فيه بالذات كالابله والاحمق وكما ان للجنون فنونا واقساما ومراتب متفاوتة كذلك للسفاهة انواعا ومراحل مختلفة ومن افراد خفيف العقل الذى هو السفيه هو مصطلح الفقهاء كما ياتي وهو الذى ليس له ملكة اصلاح المال في طريق حفظه إذ المراد منه فاقد الملكة لا غير المصطلح ولو مع علمه بانه غير صالح لاجل غرض ولا شك ان مثل ذلك لا يخلو عن خفة عقل ايضا وان لم يكن فاسد العقل وفسر السفيه بذلك الامام ايضا كما ياتي وهذا الاصطلاح ايضا مأخوذ من اللغة لاجل ان كل من كان كذلك هو خفيف العقل لا محالة وقد يتوهم ان السفاهة ايضا من اقسام فساد العقل ونظره الى ما ارتكبه شاذ من المتأخرين في بحث النكاح من جعلهم السفه قسيما للمجنون وادخالهما تحت فساد العقل وغفل عما فعله اكثر منهم واتقن من جعله قسيما لفساد العقل أو التصريح بكون السفيه بالغا عاقلا كما في الروضة وشرح القواعد للمحقق الشيخ على وان كان نظره الى ان خفة العقل لا ينفك عن فساد العقل فهو خطاء فانا نرى ان اهل العرف واللغة طرا يطلقون خفيف العقل على ابناء التسع والعشرة ولا يطلقون فاسد العقل الا على من كان في عقله نوع اختلال وفساد ومن البديهيات انهما غير الخفة والنقصان وان كان نظره الى عرف عموم اهل هذا الزمان حيث لا يطلقون السفيه على من لم ينقص عقله عن غالب اقرانه وابناء سنه وان خف بالنسبة الى الرجال فهو غير محقق جدا لان ذلك انما هو في بادى النظر واما ما عند تدقيقه فيعلم ان الامر ليس كذلك لانهم تريهم طرا ينفون الرشد الذى هو مقابل السفه قطعا عن الشخص المذكور وايضا هذا الاطلاق انما هو عند عوام العجم الذى لا عبرة بهم في امثال المقام بل المعتبر ترجمته بالعجمية عندهم لا نفس اللفظ العربي ثم ان فساد العقل بجميع فنونه يترتب عليه رفع قلم التكاليف الشرعية البدنية والمالية وعدم صحة الاقارير والعقود والايقاعات بالاجماع والضرورة والكتاب والسنة فان هذه الامور متعلقة بالعقلآء والفاسد من الشئ ليس ذلك الشئ ففاسد العقل ليس بعاقل وقد ورد في الاخبار المستفيضة الصحيحة ان الله سبحانه لما خلق العقل قال له اياك امر واياك انهى واياك اعاقب واياك اثيب وبك آخذ وبك اعطى والمناط في معرفته صدق المجنون عرفا وهو انما يكون إذا لم يكن الفساد قليلا جدا بحيث لا يظهر لاهل العرف ولا يلتفتون إليه فإذا كان بحيث يظهر لاهل العرف يطلق عليه المجنون ويجرى عليه احكامه وان شك في فرد منه هل هو مجنون عرفا ام لا حيث يقع التشكيك كثيرا في المصداقات العرفية يرجع الى العمومات مثل قوله تعالى ولله على الناس حج البيت ويا ايها الناس اعبدوا و نحو ذلك وليس ذلك من باب الاجمال في المخصص إذ لا اجمال في ذلك نعم قد يخفى على اهل العرف صدقه على فرد ويشترط في صدق المجنون كون افعاله الردية ناشية عن اختلال العقل بان لا يدرك قبحها وقد يصدر