على وجه الحكم فان عدم تداخل الاسباب هو السبب في عدم تداخل المسببات ثم الاسباب على قسمين احدهما الاسباب الواقعية والعلل النفس الامرية التى هي المؤثرات الحقيقية في وجود المسببات وثانيهما المعرفات والامارات للعلل الواقعية الكاشفة عن وجود المؤثر ومنها الاسباب الشرعية التى جعلها الشارع مناطا للاحكام الشرعية ورتب عليها ثبوت الاحكام فانها الكاشفة عن المصالح الواقعية التى هي العلل الحقيقية فما كان من الاول فلا شك ان التداخل فيه محال لامتناع اجتماع علتين مستقلتين على معلول واحد اعم من ان يراد من الاجتماع اجتماعهما في ايجاد معلول واحد في الخارج فعلا لامتناع ايجاد الموجود لو كان كل منهما مؤثرا مستقلا وعدم العلية التامة لو كان التأثير منهما معا أو يراد اجتماع امرين صالحين لايجاد المنع الواحد في الخارج وان كان وجود المنع الواحد مستندا الى واحد منهما إذ لو اجتمعا في الخارج فذلك المنع الواحد الموجود ان كان مستندا الى احدها فتخلف عن الاخر وهو محال وان كان مستند اليهما فتخلف عنهما وهو ايضا محال فلابد من تأثير كل منهما في معلول على حدة فلابد من تعدده مطلقا وعلى هذا فلا يراد من الاسباب في قولهم الاصل عدم تداخل الاسباب هذا القسم منها لان الاصل انما يستعمل في مكان جاز التخلف عنه بدليل بل يصرحون بان الاصل عدم التداخل الا فيما ثبت فيه التداخل وكذا لا كلام في جواز التداخل فيما كان من الثاني إذ المعرف علة للوجود الذهنى ومعلولية موجود واحد ذهني لمتعدد جايزة ولذا يستدل على مطلوب واحد بادلة كثيرة ويصح ان يستند وجود ذلك الموجود الذهنى الى كل منها ولذا لا يرتفع ذلك الموجود الذهنى بظهور بطلان واحد من الادلة بل يكون باقيا بحاله بعينه كما كان فان قيل حصول المعرفة ووجود ذلك الموجود الذهنى ان كان مستندا الى واحد يلزم عدم كون الاخر معرفا بل تخلف المعلول عن العلة التامة لان كلا منهما علة تامة للتعريف وايجاد الموجود الذهنى وان كان مستندا الى كل منهما يلزم تعريف المعرف وايجاد الموجود وان كان مستندا اليهما يلزم كون المعرف كليهما معا فلا تعدد في المعرف قلنا فرق بين الموجود الخارجي والذهني حيث انه لا يمكن ضرورة الشيئين في الخارج شيئا واحدا بخلاف الموجود الذهنى فانه يصير الف موجود ذهني موجودا واحدا بمعنى تطابق موجود واحد في الذهن لالف موجود خارجي فينزع (فينتزع) من كل من الف موجود صورة ذمنية ؟ كلها منطبقة على موجود ذهني واحد كالسواد المنتزع من جميع افراده ولذا ترى انه يبطل دليل واحد مما استدل عليه بادلة كثيرة ولا يبطل المدلول بل هو بعينه باق على ما كان فيستفاد من كل معرف موجود ذهني ويتطابق جميع تلك الموجودات أو يتحد في الذهن وهذا هو المراد من اجتماع المعرفات على امر واحد وظاهر ان هذا امر جايز ولا كلام في ذلك الجواز وانما الكلام في ان الاصل فيه التداخل أو عدمه وهذا الكلام ايضا مختص بالاسباب الشرعية التى هي محط كلام الفقيه ومجرى الاصل دون غيرها فالمراد ان الاصل في الاسباب الشرعية وهى التى يلزم من وجودها وجود امر شرعى مقابل الشرط الذى يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجودها الوجود هل هو التداخل اولا ثم اعلم ان الاسباب الشرعية المتعددة بكثرتها على قسمين لانها