التخلف عنه، وحرمة نقضه، وان كان مخالفا للواقع، ولا يتفاوت في ذلك اصحاب الوحى واوصيائهم واوليائهم، لان ارتقائهم إلى اعلي درجات الكمال لا يقتضى نفوذ قضائهم وحكمهم فاصلا، بحيث يجب اتباعه في حد نفسه، ما لم ينته امرهم الي من يحكم العقل بلزوم اتباع قضائه وحكمه نعم العقل الفطري يحكم بنفوذ حكم خالقه في عباده وخلائقه، لكون حكمه تصرفا في ملكه وسلطانه، فهو جل سلطانه، سلطان الخلائق، ومالك رقابهم، لا بالجعل والاعتبار، بل بالاستحقاق الذاتي، فإذا نفوذ غيره يحتاج إلى الجعل من ناحيته، والاعتراف له بهذا المنصب من جانبه تعالى وقد دلت الآيات والروايات والاصول على ان النبي والائمة (ع) من بعده خلفاء الله في ارضه، فوض إليهم امر الحكومة والقضاء، فلهم الحكومة والسلطة بجعل من الله، واعتراف منه عز شأنه ودونك بعض الآيات. 1 - النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم. 2 - يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير واحسن تأويلا (النساء - 59). 3 - وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله (النساء - 64). 4 - فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (النساء - 65). فان المراد من الاطاعة في الآية ليس الاقتفاء به فيما يبلغه من الاحكام والوظائف فانه صلى الله عليه وآله ليس له امر ولا نهى في هاتيك الموارد، بل المراد اتباع قوله فيما له فيه امر ونهى، حتى يكون الاقتفاء به طاعة، والتخلف عنه معصية، ولاجل ذلك يجب حمل الآية على ما يكون الامر والنهى من عند نفسه لا من عند الله، وان كان الجميع منتهيا إليه تعالى، لكونه هو الذى اعطى له منصب القضاء والحكومة، فاعطى له حق الامر والنهى. ثم الائمة من بعده، خلفائه واوصيائه، حكامه وقضاته على العباد وكم وكم