وذهب جماعة اخرى آخذا بظواهر الايات والاخبار بانهما من المجعولات كالجزائيات العرفية في الحكومات السياسية كما هو ظاهر قوله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر امثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها إلى غير ذلك، وهو المرضى عند المحقق النهاوندي على ما حكى عنه مستدلا بانه لولاه لزم التشفي المحال في حقه تعالى، وذهب طائفة إلى ان الثواب والعقاب بالاستحقاق وان العبد يستحق من عند ربه جزاء العمل إذا اطاع أو عصى، ولا يجوز له تعالى التخلف عنه عقلا في الطاعة واما جزاء السيئة فيجوز عنه العفو ثم ان ترتب الثواب والعقاب على المسلك الاول امر مستور لنا، إذ لا نعلم ان النفس بالطاعات والقربات تستعد لانشاء الصور الغيبية وايجادها، وعلى فرض العلم بصحته اجمالا فالعلم بخصوصياتها وتناسب الافعال وصورها الغيبة مما لا يمكن لامثالنا (نعم) لا شبهة ان لاتيان الاعمال الصالحة لاجل الله تعالى تأثيرا في صفاء النفس وتحكيما لملكة الانقياد و الطاعة ولها بحسب مراتب النيات وخلوصها تأثيرات في العوالم الغيبية، وكذا الحال في اتيان مقدماتها وتهيئة مباديها بل كل من المقدمة وذيها إذا اتاهما لاجله تعالى، يوجب صفاء النفس وتثبيت ملكة الطاعة هذا هو الحال على القول الاول واما على الثاني من المسلك فلا شك ان التخلف بعد الجعل قبيح لاستلزامه الكذب لو اخبر عنه مع علمه بالتخلف كما في المقام، أو لاستلزامه التخلف عن الوعد والعهد لو انشائه، و امتناعهما عليه تعالى واضح جدا (فح) ترتب الثواب والعقاب يتبعان مقدار الجعل سعة وضيقا و كما يجوز الجعل على اصل العمل، يجوز جعله على المقدمات ايضا ويترتب الثواب عليها من دون ان نلتزم كونها عبادة برأسها إذ هو بعيد جدا ويظهر عن عدة من الاخبار ترتبها على مقدمات بعض الاعمال كما في زيارة امام الطاهر ابي عبد الله الحسين (ع) حيث ورد الثواب على كل خطوة لمن زاره ماشيا و (اما) على المسلك الثالث الذى هو خلاف التحقيق في جانب الثواب لان من عرف مقام ربه من الغنى والعظمة ومقام نفسه من الفقر والفاقة يعرف ان التفوه بالاستحقاق دون التفضل مما لا يليق ان يصدر الا عمن جهل بشئون ربه وغفل عن نقصان ذاته وان كل ما ملكه من اعضاء وجوارح ونعم، كلها منه تعالى لا يستحق شيئا إذا صرفه في طريق عبوديته وكيف كان فعلى فرض صحة المبنى فهل يستحق الثواب على الغيريات كما يستحقه على النفسيات اولا والحق هو الثاني لان الاستحقاق انما هو على الطاعة ولا يعقل