لئلّا يقع المكلف في مشقّة العمل بالشكّ دائما أو غالبا فلا يكون أيضا بدلا هذا، مضافا الى أنها من موارد الحجة الإجمالية.
تنبيه [: هل استحقاق العقوبة على مخالفة المعلوم بالإجمال من المسائل الكلامية أو الاصولية؟]
قد يتوهّم كون هذه المسألة من المسائل الكلامية لا الاصولية و لكن لا وجه له، لأنه إن كان المراد من كونها منها أنه يبحث فيها في الكلام عن استحقاق العبد العقوبة في الآخرة و عدمه و هي منها.
ففيه: أنّ الكلام لا يبحث فيه إلّا أنّ لنا مبدأ و معادا يوصل الى كل جزاء عمله، و أما البحث عن موجبات العقاب و الثواب فمختصّ بالشرع لا طريق للعقل إليه.
و إن كان المراد أنه يبحث في الكلام عمّا يصحّ و يقبح من المولى، و المفروض أنه يبحث فيها: هل يصحّ من المولى عقاب من خالف العلم الإجمالي أم لا؟
ففيه: أنّ البحث بين الأشعريّين و غيرهم في أنه هل يصحّ صدور القبيح منه تعالى أم لا؟ فالأشعري ينكر ذلك، ذاهبا الى أنّ كلّما صدر منه تعالى فهو متصف بالحسن، و غيرهم يقولون: بأنّ الأفعال على قسمين: قبيح و حسن، و لا يصدر الأول منه تعالى.
و أما تعيين مصاديق الحسن و القبح فليس من وظائف علم الكلام، فالحق أنّ المسألة اصولية، فإنّ الحقّ أنّ تمايز العلوم بتمايز الموضوعات لا غير، و أنّ موضوع الاصول هو الحجة في الفقه، و أنّ القطع أيضا حجة بالمعنى الذي ذكرناه مرارا.
هذا كله في تنجّز التكليف بالعلم.
و أما كفاية الامتثال الإجمالي فنقول: إنّ المأمور به المردّد يتصوّر على وجوه، فإنه (إما) أن يكون مردّدا بين المتباينين (أو) بين الأقلّ و الأكثر. و على الثاني (إما) أن يكون مطلوبية الأكثر معيّنة و الشكّ في كونه مطلوبا واجبا أو مستحبا (أو) يكون مردّدا بين كونه مطلوبا أو لا.