و الجنايات و الإتلافات الموجبة للضمان لا يكون على قسمين صحيح و فاسد، فتعريفهما بترتّب الأثر و عدمه، ليس على ما ينبغي.
اذا عرفت هذا فاعلم أنّ الامور الموجودة المترقّبة الأثر على قسمين قسم لا يكون منظورا فيه عند العقلاء بوجه من الوجوه إلّا بنحو الآلية كالعقود و الإيقاعات مثلا، و قسم يكون معتبرا عندهم مع قطع النظر عن حكم الشرع، كغسل البدن الموجب لزوال الدناسة و كالعبادات على وجه.
و كيف كان، ترتّب الآثار (تارة) يكون بنظرهم مستقلا من دون أن يكون للشرع مدخل فيه، كغسل الوجه المترتّب عليه التبرّد، و لبس الثوب المترتّب عليه المحفوظية عن الحرارة و البرودة (و اخرى) يكون موقوفا على بيان كيفية إتيان العمل ليترتّب عليه الأثر، و مورد البحث هو الثاني.
اذا عرفت هذا فاعلم أنّ اقتضاء النهي فساد المنهيّ عنه مطلقا يعرف بوجهين:
(أحدهما) الرجوع الى العرف في فهمهم أنّ هذا الشيء مثلا دخيل في تحقق المأمور به. مثلا اذا نهى المولى عن الصلاة في الحرير يفهم منه عرفا مانعية الحرير عن انعقاد الصلاة.
و بعبارة اخرى أوضح: فكما اذا أمر بشيء مقيّدا بقيد خاصّ يفهم اشتراطه به بحيث لولاه لم يوجد المقيّد، فكذا اذا نهى عن شيء مقيّدا بوجود شيء يفهم منه اشتراطه بعدمه كذلك، و هذا هو المراد من استدلال الحاجبي من العامّة في المختصر و الشيخ (رحمه اللّه) من الخاصّة في عدّة الاصول و صاحب المعالم و جماعة من المتأخرين بأنّ علماء الأمصار في جميع الأعصار لا يزالون يستدلّون بالنواهي على الفساد فيهما.
(ثانيهما)- و هو مخصوص بالعبادات بالمعنى الأخصّ- و هو أنّ النهي اذا تعلّق بشيء يعتبر في تحقّقه إتيانه على وجه القربة و الإطاعة يكون فاسدا من هذا الوجه، بخلاف ما اذا تعلّق بغير العبادات بالمعنى الأخصّ، فلا يستلزم الفساد،