الإنسان، و ورقة الكتاب و سطره، و كما أنّ الجزئيّة في الإنسان و الكتاب مفهوم انتزاعيّ فهكذا في السورة و الحمد و غيرهما.
و هذا الذي ذكرناه في الجزئيّة جار بعينه في الشرطيّة و السببيّة و المانعيّة و القاطعيّة. نعم، إنّ إطلاق بعض هذه العناوين في بعض مصاديقها ربما كان مبنيّا على نحو توسعة و مسامحة، إلّا أنّه مع ذلك فلا شبهة في أنّ هذا المعيار المتوسّع فيه المبنيّ على المسامحة معيار الانتزاع، بدليل وجدانه في ما لا يوجد فيه أثر من خطي التقنين و الاعتبار القانونيّ، فالطهارة تعدّ شرطا للصلاة بعين الملاك الّذي به يعدّ الوضع الخاصّ شرطا للنار في الإحراق، و النجاسة- مثلا- ربما تعدّ مانعا للصلاة، كما تكون الرطوبة مانعا للنار في فعل الإحراق بعين ملاك أنّهما بوجودهما تمنعان ترتّب الأثر المطلوب من الصلاة و النار عليهما ... و هكذا.
و أمّا ما أفاده سيّدنا الاستاذ (قدّس سرّه) في رسائله من أنّ الجزئيّة و نحوها امور مجعولة مستقلّة بالجعل، مستشهدا بصحّة أن يجعل الشارع وجوب الصلاة أوّلا، ثمّ يقول: جعلت السورة جزءا و الاستقبال شرطا فهذا أمر صحيح عند العقلاء، و لا يلزم من جعل الجزئيّة للسورة استقلالا أن ينسخ حكم وجوب الصلاة ثمّ إنشاء وجوب آخر بالصلاة الواجدة للسورة أو المصاحبة للاستقبال. انتهى بتلخيص.
أقول: نسأله (قدّس سرّه) و نقول: هل الشارع في إيجابه الصلاة أوّلا أراد جدّا وجوب مطلق الصلاة و لو كانت خالية عن السورة غير مصاحبة للاستقبال، أم كان كلامه مطلقا، و إلّا فإرادته الجدّيّة قد تعلّقت بالمشتملة على السورة و الاستقبال؟
فعلى الثاني- الذي عليه بناء الأصحاب- كان الإيجاب الواقعيّ من أوّل الأمر متعلّقا، بالواجد، و كان قوله: «جعلت السورة جزءا و الاستقبال شرطا» كاشفا عن حدود الواجب الأوّلي، و لم يكن جعلا مستقلا.
و على الأوّل فلا ريب في أنّ الواجب الأوّل قد تغيّر و صار الواجب أمرا