و أمّا النهي التنزيهي فالنفسي منه المتعلّق بذات العبادة
يكشف عن مطلوبية ترك ذاتها عند المولى، فليس فيها جهة يمكن بها إتيانها للمولى فلا محالة تقع باطلة، و متعلّق النهي هنا أيضا نفس العمل بلا قصد القربة، فلا يرد أنّ لازمه تجويز التشريع، و أمّا النفسيّ المتعلّق بعنوان منطبق على العبادة- بناء على القول بامتناع الاجتماع- ففي ما له مندوحة، فجمعا بين غرضي المولى يكون المجمع منهيّا عنه فقط تنزيها، إلّا أنّه قد عرفت صحّة العبادة في المجمع حينئذ في التحريمي أيضا، و في ما لا مندوحة فلا محالة يرفع المولى يده عن الزجر التنزيهي، و يوجبها فعلا، فتصح بلا إشكال.
و قد يتوهّم أنّ الكراهة الفعليّة لا تنافي تعلّق الطلب و الأمر بالمكروه، غاية الأمر أن يصير أقل ثوابا، بخيال أنّ الكراهة متقوّمة بجواز الترك، فتجتمع مع الوجوب و الندب، و هو يندفع بما مرّ في بحث العبادات المكروهة، من أنّ حقيقة الكراهة هو الزجر عن العمل، غاية الأمر أنّ المولى يجيز مخالفة زجره، و إلّا فالزجر مطلقا يخالف البعث مطلقا، و قد مرّ التفصيل فراجع.
المقام الثّاني في المعاملات:
و النهي فيها إمّا عن عنوان طار عليها متحد معها، و إمّا عن نفسها بذاتها، أمّا النهي عمّا يتحد معها فعدم استلزامه لفسادها واضح، و أمّا النهي عن أنفسها فتفصيل القول فيه أنّ المتصوّر في المعاملة بمعناها الأخص امور: نفس الألفاظ أو الفعل المنشأ بهما المعاملة، و المعنى الاعتباري المقصود من المعاملة الذي هو حقيقة هذه المعاملة، و الأثر المترتّب عليها كالملكية، و التسبب بالألفاظ- مثلا- الى حقيقة المعاملة، أعني استفادة المنشئ و استعماله لها و توصله بها الى تلك الحقيقة، و التسبب بالألفاظ الى الأثر، و التسبّب بحقيقة المعاملة الى الأثر.
أمّا الألفاظ فلا ريب في أنّها فعل له مباشري، لكن النّهي عنها غير ملازم للفساد.
و أمّا حقيقة المعاملة كالبيع و الإجارة فهي من أفعاله الإنشائية، و هي من