فإنّهما من هذه الحيثية اثنتان، و إنّما وحدتهما في أنّهما موجودتان بوجود واحد «انتهى».
أقول: إنّ أصل ما أفاده (قدّس سرّه) و إن كان في كمال المتانة، إلّا أنّ فيه:
أوّلا: أنّ الظاهر أنّه خروج عن موضوع البحث، اذ قد مرّ أنّ المتعلّق للتكليفين لو اشتركا في العنوان، كما لو قال: اكرم عالما و لا تكرم الفاسق، فهما بنظر العرف متعارضان ليسا من باب اجتماع الأمر و النهي أصلا.
و ثانيا: أنّ المفهوم من كلامه بل صريحه أنّ للحيثيتين خارجيّة وراء الوجود الخارجي، و هو خلاف التحقيق، اذ لا واقعية إلّا للوجود أو الماهية، على الخلاف في أصالتهما، و الآخر منهما متحد مع الأصيل و عين له، اتحاد اللّامتحصّل مع المتحصل، و مثله الكلام في العناوين الانتزاعيّة المنتزعة عن الخارجيات، فالمصداق الخارجي لكل من هذه العناوين الغير الأصيلة ليس إلّا نفس ذلك المتأصّل، و قد مرّ أنّ حقيقة كلّ عنوان و طبيعة ليس إلّا الموجود منه بالوجود الخارجيّ و مصداقه الواقع في عالم الأعيان، و لذلك قلنا: بتعلّق التكاليف بمتن الخارج، فلو بنى عليه يلزم اتحاد حقيقة العنوانين و يلزم اجتماع التكليفين على أمر واحد، و حيث إنّ المبنى صحيح فلا محيص عنه، إلّا بما مرّ منّا عند الكلام على بيان الكفاية، فراجع.
فالحاصل: أنّ الحقّ هو جواز الاجتماع لما تفرّدنا به من الوجه.
و قد اختار المحقّق النائيني (قدّس سرّه) جواز الاجتماع و رتّب لبيانه مقدّمات طويلة؛ حاصل مقصوده منها: أنّ الأمر و النهي و سائر التكاليف إنّما تتعلّق بالعناوين الفانية في الخارج، و حيث إنّ المفروض تعدّد العنوانين فلا محالة يتعدد ملاك صدقهما، و يكون العنوانان في الخارج من مقولتين مختلفتين، و لمّا كانت المقولات أمورا بسيطة خارجية فاختلافهما بتباين تمام ذات كلّ منهما خارجا مع الاخرى، و هي و إن أمكن فرضها لا بشرط بالنسبة الى موضوعها حتى يقبل حملها عليه الكاشف عن تركيبهما الاتحادي، إلّا أنّها لا ريب في أخذ كلّ منها بشرط لا بالنسبة الى