مقتضى ما تحرّر عدم جريان البراءة قبل الفحص، فالفحص شرطه بالضرورة، و إنّما الكلام في المراد من «الفحص» إذ لا شبهة في أنّه ليس دأب المكاتب الإسلاميّة و غيرها إبلاغ الحكم إلى أبواب المكلّفين، و تطويق حلق بيوتهم؛ فإنّ العالم «كالكعبة يزار و لا يزور» [1] و عندئذ لا بدّ من قيام الرسل و خلفائهم بنشر الأحكام و بسطها حسب المتعارف و الجدّ و الجهد في توزيع المسائل الإلهيّة على ما هو المضبوط.
كما أنّ المجتهد يبذل جهده و كدّه في الوصول إليه؛ على ما هو المكتوب في الدفاتر و الاصول و الكتب الكبيرة و الصغيرة البالغة إلينا، و إعمال الاجتهاد حسب المتعارف على أن يقف على النسخ القديمة و الجديدة.
فمن الجانبين: جانب الرسالة و خلفائها، و جانب الحكّام و أمنائهم على الحلال و الحرام، يحصل ما هو المقصود الأعلى السياسيّ و المأمول المنظور الأساسيّ، كي يحافظ على النظام الفرديّ و الاجتماعيّ.
نعم، الفرق بين الجانبين: أنّه لا تنجّز قبل إبلاغ الجانب الأوّل و لو كان الحكم مخزونا في خزانة الربّ- جلّ و علا-، و لا براءة بعد الإبلاغ حسب المتعارف عقليّة و غير عقليّة، إلّا بعد الجانب الثاني و هو الفحص.
فالإيصال و الوصول معتبران، لا بمعنى خارج عن العادة، و إن لم يكن الحكم