لأحد أن يقول: إنّ الأحكام الوضعيّة إن كانت ثابتة بالإطلاق، فترتفع بالحديث، و إن كانت ثابتة على الإطلاق فلا ترتفع به، و الجنابة و النجاسة ثابتة على الإطلاق؛ أي ثابتة سواء تحقّقت عن إكراه و اضطرار، أو غيرهما، فعليه تكون حرمة الشرب في المثال المذكور غير مرفوعة [1].
و يندفع: بأنّه لا بأس به تصوّرا، و لكن لا دليل عليه تصديقا؛ لأنّ ما يثبت به الجزئيّة و الشرطيّة و المانعيّة و غيرها، ثبت به النجاسة و الجنابة؛ و هو الإطلاق، و لا دليل على ثبوتهما على الإطلاق إلّا مساعدة المناسبات.
و لذلك فصّل جمع من المتأخّرين في نجاسة الملاقي بين الوسائط القليلة و الكثيرة؛ معلّلين بفقد الإطلاق [2].
هذا مع أنّك عرفت: أنّ رفع الوضع ليس فيه التوسعة بما هو هو، بل التوسعة فيه باعتبار الحكم المترتّب عليه، و لو كان الوضع مرفوعا حال النسيان و الجهالة، أو حال الإكراه و الاضطرار، للزم جواز الاقتداء و الاستئجار و جواز شرب الملاقي، لغير المعنونين بالعناوين المذكورة.
و لو أمكن الالتزام بذلك في الأمثلة الاولى- كما هو الحقّ؛ لبعض الجهات الاخر الآتية- فلا يمكن الالتزام به في المثال الأخير، كما لا يخفى.