إلّا أنّ بقاء فعليّته النفس الأمريّة لا أثر له؛ لأنّه إذا لم يصحّ العقاب على المخالفة، فلا معنى للتحريم و الإيجاب، و لا يكون إلّا لغوا في مثل حرمة شرب التتن و الخمر المشتبه، و أمّا في مثل الامور التي لها الأثر كالقضاء و الإعادة، فهو و إن كان غير لغو، إلّا أنّه لا يمكن إثبات القضاء و الإعادة بالإطلاقات؛ لاحتمال انتفاء التكليف الواقعيّ في مورد الجهل مثلا، لعدم القضاء له، فيشبه الدور.
اللهمّ إلّا أن يقال: إنّ الحديث لا يرفع بحسب الدلالة الحكم الواقعيّ؛ لما لامنّة في رفعه، و إذا كان مقتضى الإطلاق الإعادة و القضاء، فلا لغويّة حتّى يعلم انتفاؤه ثبوتا.
اللهمّ إلّا أن يقال: إنّ انتفاء القضاء و الإعادة، من المنن على الجاهل، أو إنّ انتفاء العقوبة على ترك الإعادة و القضاء، لازم ترك العقوبة- على إطلاقها- على المجهول. بل الاستحقاق على ترك القضاء و الإعادة، عين الاستحقاق على ترك المجهول؛ لأنّ الأمر بالإعادة و القضاء، ليس تأسيسا جديدا، بل كاشف عن بقاء الأمر الأوّل، و قد انتفى الأمر الأوّل للجهالة- بحديث الرفع- من الأساس و عرقه، فلا فوت حتّى يستتبع القضاء، و لا جزئيّة مثلا حتّى تقتضي الإعادة، أو انتفت العقوبة على تركه، الملازم لانتفاء العقوبة على ترك قضائه و إعادته، كما عرفت. و هذا غير ما أفاده العلّامة الخراسانيّ في الحاشية من الأعميّة [1]، حتّى يقال: بأنّ الظاهر عدم رفع المؤاخذة إلّا بلا واسطة، كما في «الدرر» و في حاشية العلّامة الأصفهانيّ (قدّس سرّهما)[2].
و أمّا حديث البراءة في الشكّ في القدرة، فممّا لا بأس بالالتزام به، لأنّ استصحاب عدم الطاقة وارد على الاحتياط، و استصحاب الطاقة منقّح الموضوع، و قلّما يتّفق أن لا تعلم الحالة السابقة.