فمنها: أنّه ربّما يستدلّ على بطلان شيء أو صحّة شيء بالأدلّة الكثيرة العقليّة، و يعبّر حينئذ ب «أنّ البراهين الكثيرة قائمة على بطلان التسلسل» أو «على تناهي الأبعاد» مع أنّ حقيقة البرهان ما تعطي اليقين، و لا يعقل العلم بالشيء مرّتين؛ و الانكشاف الثاني للشيء بعد الانكشاف الأوّل، فيكون ما هو البرهان هو الموجب للعلم، و الباقي صالحا لكونه برهانا، كما أشرنا إليه في «قواعدنا الحكميّة» [1]، هذا في باب البراهين العقليّة على المسائل الواقعيّة التكوينيّة و المباحث الفلسفيّة.
و أمّا في باب الاحتجاجات الرائجة بين الموالي و العبيد، فربّما تكون رواية معتبرة واحدة صريحة في وجوب صلاة الزلزلة مثلا، فإنّها حجّة صالحة للاحتجاج، و تكون كاشفا عرفيّا من غير النظر إلى كشفها في محيط التعذير و التنجيز، و لذلك تكون حجّة و لو كان الظنّ الشخصيّ على خلافها.
فهل إذا كان في تلك المسألة روايات ثلاث، يكون الخبر الأوّل حجّة دون الأخيرين؟
أم الحجّة هو الفرد اللابعينه، أم المجموع، أو الجامع، مع أنّ على الاحتمال الأوّل يلزم عدم حجّيتهما؛ بحيث لو انكشف الخلاف بالنسبة إلى صدور الأوّل مثلا، لا يكون الثاني حجّة.
أم الإنصاف يشهد على أنّ كلّ واحد صالح للاحتجاج، و يصير الواقع قابلا للتنجيز بكلّ واحد، و ليس التنجيز إلّا بمعنى ثبوت صلاحية الاحتجاج بكلّ واحد، و يستحقّ العقوبة عند الإصابة. و هذا هو معنى التوسّط في التنجيز؛ لأنّ الخبر