المسألة الاولى: في وجوب الاحتياط في جميع صور الاضطرار
لأحد دعوى: أنّ الاضطرار لا يورث قصورا في العلم على الإطلاق، و لا يمنع عن تنجيزه؛ و ذلك لأنّ الأدلّة الشرعيّة المتكفّلة له، ليست قابلة للاعتماد عليها على إطلاقها؛ سواء كانت من قبيل ما ورد في أدلّة التقيّة [1]، أو في حديث الرفع و غيره [2]؛ لقوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ[3].
و قوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ[4] و غير ذلك.
فعليه يكون الاضطرار العقليّ و ما يعدّ عذرا عقلا، موضوعا في الأدلّة الشرعيّة، و عندئذ لا يكون إلّا إرشادا إليه، و لا يزيد على ما يحكم به العقلاء، و ما كان شأنه ذلك لا يمكن أن يكون تقييدا لأدلّة الأحكام الأوّلية.
فالعلم الإجماليّ بالتكليف الفعليّ على كلّ تقدير موجود، و الاضطرار إلى المعيّن- و لو كان قبل العلم- لا يمنع عن التكليف الواقعيّ الفعليّ قطعا؛ لإمكان الجمع بينهما، كما جمعناه بين الأحكام الظاهريّة و الواقعيّة [5]. بل الأمر هنا أسهل، و تكون الأدلّة فيما نحن فيه إمضاء لحكم العقلاء بعذريّة الاضطرار، كما لا تمضي الآيات الشريفة الاضطرار الآتي بسوء الاختيار موافقا لفهم العرف و العقلاء و العقل.
[1]- المحاسن: 259/ 308، الكافي 2: 220/ 18، وسائل الشيعة 16: 214، كتاب الأمر و النهي، أبواب الأمر و النهي، الباب 25، الحديث 2.
[2]- الكافي 2: 462- 463، وسائل الشيعة 15: 369، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس، الباب 56، الحديث 1.