فعلى كلّ: ذهب الشيخ (رحمه اللَّه) إلى التخيير [1]، و استشكل عليه: بأنّه خروج عن البحث؛ إمّا لجواز إبطال الصلاة لقصور دليل حرمته، أو لإمكان الاحتياط بالتكرار [2]، و الأوّل وجيه، و لكنّه ممّا لا يلتزمون به، و الثاني غير وجيه لأنّه على تقدير إمكان الاحتياط يبقى الكلام في الصلاة التي هي بيده أنّه بالتخيير بين العود و المضيّ، أم في خصوص ذلك الذي بيده يتعيّن عليه العود، فيثبت التخيير.
و لكن قد أشرنا في مطاوي ما مرّ إلى أنّ هذه الأمثلة و مثال صلاة الحائض، خارجة عن البحث [3]؛ لجريان استصحاب بقاء محلّ العود؛ لو كان يجري في المفهوميّة من الشبهات، أو استصحاب بقاء الأمر الضمنيّ، أو لحكم العقل بالاشتغال؛ و أنّ الاشتغال اليقينيّ يقتضي البراءة اليقينيّة، فلا بدّ من العود، فاغتنم.
إعادة و إفادة: في تعيّن التخيير البدوي في المقام
لا شبهة في أنّ العقل يدرك قبح المخالفة القطعيّة، و يدرك استحقاق العقوبة عليها، فعلى هذا في الوقائع المتعدّدة إذا كان التخيير بدويّا، فلا يدرك استحقاق العقوبة، و يحتمل الموافقة حتّى في العبادات إذا أتى بها رجاء، فيستحقّ المثوبة حتّى في التوصّليات مطلقا، أو إذا اختار التخيير البدويّ برجاء الإصابة، و فرارا عن المخالفة القطعيّة.
و أمّا إذا كان التخيير استمراريّا، فلا يدرك إلّا وجوب الجنّة و المثوبة، و هذا ممّا لا يجب على العقل تحصيله، بخلاف إدراك استحقاق العقوبة.
فيدور الأمر بين درك عدم استحقاق العقوبة قطعا في التخيير البدويّ، و بين