و ليس هذا التقريب قريبا ممّا في كلام العلّامة الأراكيّ [1]، فضلا عن كونه عينه. و لا وجه لما في كلامه: «من أنّ الاحتياط هنا لازم؛ لكونه من الشكّ في القدرة» و هذا غريب!! بل هو من جهة أنّ الاشتغال اليقينيّ، يستلزم البراءة اليقينيّة، و الحجّة التفصيليّة تستدعي الجواب القطعيّ.
و على هذا تحصّل اختلاف مقتضيات المباني في الوجوب الكفائيّ، و أنّ ما هو المحرّر عندنا هو الوجه الأخير، و لازمه إنكار الكفائيّ إلّا بالمعنى المذكور، فاغتنم. و توهّم امتناع ذلك، ناشئ عن غفلة ميزان العينيّ، فراجع.
تذنيب: حول أمثلة الدوران بين العينيّ و الكفائيّ
قلّما يتّفق في الفقه دوران الأمر بين العينيّ و الكفائيّ، و قد مرّ منّا مثال له [2]، و هناك مثال آخر يرجع إلى مشكلة في الأدلّة، و ذلك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فإنّه في موارد الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و تأثير الأمر و النهي، لا يبقى موضوع و لا بحث، و إنّما البحث في أنّ من المحتمل أن لا يكون الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر من الواجبات العينيّة؛ بمعنى أنّه لا يجب ذلك و لو كان يرى المكلّف منكرا، و يجد ترك معروف؛ لاحتمال اختصاص ذلك بطائفة معيّنة من قبل السلطات الحكوميّة و الحاكم الشرعيّ، و ذلك لأنّ تصدّي هذا الأمر ربّما يستلزم المفاسد الكثيرة، كما نشاهد أحيانا.
و يستظهر ذلك من قوله تعالى: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ[3]