في مفروض المسألة، لا يلزم تعيّن الوجوب و تعيينه- كما مرّ في محلّه- لا بالذات، و لا بالعرض، بل الواجب التخييريّ باق على حاله، و لو كان العجز موجبا للرفع، فيلزم رفعه عن جميع الأطراف؛ لتلك الملازمة [1]، فما أفاده العلّامة الأراكيّ (قدّس سرّه) [2] غير صحيح.
و ما ترى من أنّ العقل يحكم في موارد العجز بتعيّن الطرف الآخر، شاهد على أنّ التكليف لا يدور وجوده و عدمه، مدار القدرة و العجز في الخطابات القانونيّة، بل الوجوب التخييريّ باق على إطلاقه و لو عجز عن جميع الأطراف.
و لو قيل: قضيّة «رفع ... ما لا يطيقون» رفع التكليف في موارد العجز و اللاطاقة، و لازمه عدم وجوب الطرف الآخر، و هو ممنوع بالضرورة.
قلنا: مع القدرة على أحد الطرفين، لا يكون لحديث الرفع في الطرف المعجّز عنه وجه و مجرى؛ لما لا منّة في رفعه، ضرورة أنّه يستحقّ العقوبة بترك الطرف المقدور على الوجوب التخييريّ، فلاحظ و تدبّر جيّدا.
هذا كلّه بناء على ما هو الحقّ [3] في الوجوب التخييريّ: من أنّه لا يرجع إلى التعيينيّ [4]، و لا إلى المشروط و المقيّد [5]. و أمّا على تلك الآراء فلا مشكلة، كما هو الواضح.
تتميم: بعد ما تبيّن حال البراءة الشرعيّة، يظهر وجه جريان البراءة العقليّة
[1]- تقدّم في الجزء الرابع: 11- 13، و يأتي في الجزء الثامن: 185- 190.