فذلكة ما تحرّر: أنّ حسن الاحتياط و رجحانه العقليّ- مضافا إلى امتناع كونه راجحا نفسيّا شرعا- محلّ منع، بخلاف جوازه، فإنّه ضروريّ.
و يمكن أن يكون راجحا بالإضافة؛ لأنّ في الشبهات الوجوبيّة، يكون احتمال الوجوب أكثر من احتمال المبغوضيّة الذاتيّة الواقعيّة، و في الشبهات التحريميّة كذلك، و على هذا تحمل أخبار المسألة على ذلك، و لا تدلّ على رجحانه على الإطلاق، كما لا يخفى. و ما ذكرناه تامّ من غير فرق بين التوصّليات و التعبّديات.
نعم، في التعبّديات يمنع حسنه لأجل ما اشير إليه، و إلى ما فيه.
و أمّا ما في كلام القوم [1] و «الكفاية» [2]: من أنّ إمكان كشف الأمر بدرك الحسن الذاتيّ مسدود؛ للزوم الدور، ضرورة أنّ الحسن متوقّف على وجود الأمر، فكيف يعقل كشف الأمر بدرك الحسن؟! فهو قابل للدفع: بأنّ الحسن الذاتيّ العقليّ مبدأ كشف الأمر، فيثبت به الحسن الشرعيّ، و لا يتوقّف الحسن الذاتيّ على الأمر، فتدبّر.
و بعبارة اخرى: لا ينبغي الخلط بين ما به قوام الحسن الذاتيّ في عباديّة العبادة، و ما به قوام عباديّة العبادة شرعا، فإذا كان الأوّل متقوّما باحتمال الأمر، يكشف به الأمر حسب القاعدة، و بعد ذلك يثبت حسن العبادة شرعا؛ لحصول ما به عباديّة العبادة.
[1]- نهاية النهاية 2: 113، نهاية الأفكار 3: 274- 275، حقائق الاصول 2: 262، حاشية كفاية الاصول، المشكيني 4: 115- 116.