و ممّا اشير إليه يظهر: أنّ ما في «تهذيب الاصول»: «من أنّه لا معنى لورود إحدى الكبريات على الاخرى في حدّ ذاتهما» [1] غير تامّ، بل الورود و الحكومة- من قبيل التخصيص و التقييد- يحصلان في محيط الكبريات الكلّية.
نعم، فيما نحن فيه لا معنى للورود و الحكومة؛ لأنّ القواعد العقليّة و المدركات العقليّة، موضوعاتها واضحة؛ و قيودها ظاهرة، و لا يتصوّر بينها المناقضة و المضادّة، و كما لا معنى لتخصيصها بالعقل أو النقل، لا معنى لورود إحداهما على الاخرى، فما اشتهر بينهم من الورود [2] أو الحكومة- كما في كلام بعضهم [3]- لا يخلو من غرابة.
تنبيه: حول المراد من «الضرر» في القاعدة
هذه القاعدة الثانية- سواء كانت من القواعد العرفيّة المشهورة، أو ترجع إلى قاعدة ينالها العقل، و سواء كان ما يناله هو قبح ارتكاب الضرر المحتمل، أو كون ارتكاب الضرر المحتمل ظلما، و الظلم قبيح- من القواعد العقلائيّة أو العقليّة، و لا ربط لها بمحيط الشرع و المنتحلين لإحدى الديانات، فملاحظة الضرر الدنيويّ و الاخرويّ غير صحيحة إلّا بلحاظ آخر، و إلّا فالكبرى الكلّية لو كانت صادقة، فموضوعها الضرر بما هو هو من غير كيفيّة خاصّة به.
نعم، ربّما يختلف الناس في تشخيص الضرر، و الاعتقادات تكون مختلفة في أصل الضرر.