اللهم إلا أن يقال: بأن صورة قياس الاستنباط «هو أن وجوب صلاة الجمعة أخبر به الثقة، و كل ما أخبر به الثقة مطابق للواقع، فالوجوب مطابق للواقع» و حينئذ تندرج مسألة القطع في الأصول على التعريف المزبور، بناء على عدم حجيته الذاتيّة، كما لا يخفى.
و هكذا إذا قلنا: بأن موضوع الأصول هي الحجة في الفقه [1] و أريد من «الحجة» ما يحتج العقلاء بعضهم على بعض على الوجه المحرر في محله [2]، و ليست هي بمعنى الوسط في القياس، و لا المجموع المركب من الصغرى و الكبرى، ضرورة أن القطع مما يحتج به العقلاء- بعضهم على بعض- فيما يبتلون به في مسائلهم العملية. و من هنا يظهر ما في «تهذيب الأصول» [3].
كما ظهر: أن القوم ظنوا أن وجه عدم كونها من مباحث الأصول، أنه حجة ذاتا، و قد عرفت أنه ليس حجة ذاتا، كما يأتي تفصيله [4]. مع أنه و لو كان حجة بالإمضاء، فلا يكون وسطا للاستنباط، كالظن على الحكومة أو الكشف.
تذنيب
لا شباهة بين مسألتنا هذه و مسائل علم الكلام، إلا على وجه يشبه سائر الأمارات المورثة لاستحقاق العقوبة. مع أن في الكلام لا ينعقد البحث عن هذه المسألة، و هو يشهد على أجنبيتها عنه.
نعم، يشبه المسائل العقلية و الكلامية، لأجل كونه صفة من الكيفيات