ثمّ إنّه ربّما يروي الراوي فتوى المعصوم (عليه السلام) أو العادل فتوى الفقيه، فإنّه ليس من الموضوعات، و لا يلزم مجرّد نقل الفتوى أن يكون الاجتهاد متخلّلاً فيه، كما نراه في الأعصار و الأمصار من نقل الفتاوى.
نعم، في خصوص الأئمّة (عليهم السلام) يكون المتعارف القريب من الاتفاق، نقل قول المعصوم و إخباره، فلاحظ.
التنبيه الرابع: حول مغايرة حجّية الخبر لوجوب العمل به
حديث حجّية الخبر الواحد، غير حديث وجوب العمل بالخبر الواحد، فإنّ الحجّية كما يصحّ انتزاعها عن الثاني، يصحّ انتزاعها عن الأوّل، فلو كان مقتضى الأدلّة جواز العمل، فلا يلزم منه وجوبه، فالوجوب يحتاج إلى دليل آخر.
و بعبارة أخرى: لا يجوز بعد تحرير أصالة عدم الحجّية، اتباع الخبر الواحد، إلاّ إذا قام الدليل على جوازه، فلو قام خبر الواحد على وجوب صلاة الجمعة، أو على جزئيّة كذا، أو شرطيّة كذا، فيجوز الإتيان بها، بمعنى أنّه لو خالف الواقع يكون معذوراً.
و أمّا تنجّز الواقع عليه، بحيث يستحقّ العقوبة، فهو أمر آخر، لإمكان تصرّف الشرع في ذلك، بأن يعتبر خبر الواحد حجّة بالمقدار الخاصّ، و هو تجويز الإفتاء و العمل على طبقه، و بعبارة أخرى بالمقدار المخرج عن الحرمة الذاتيّة، أو التشريعيّة، و أمّا الزائد عليه- و هو وجوب اتباعه، فلا يكون معذوراً عند التخلّف- فهو اعتبار آخر يحتاج إلى الدليل الخاصّ.
فإفتاء الأصحاب عن الجهة الثانية بالأولى، و توهم أنّ جواز العمل مساوق للوجوب، و أنّ حجّيته بمقدار الخروج عن الحرمة، تساوق حجّيته على قطع العذر