و القسم الآخر: ما لا يجيء به إليكم الفاسق، و حكمه عدم التبيّن.
و حيث إنّها في سورة الحجرات و هي مدنيّة، و قد كان أصحابه (صلى اللَّه عليه و آله و سلم) يخبرون عن الأحكام و ينقلونها، حسبما اشتهر: أنّه (صلى اللَّه عليه و آله و سلم) قد بيّن «حتّى أرش الخدش» [1] فالمتبادر منها هو النبأ الحامل للحكم المتعارف بينكم، أو الموضوع ذي الحكم.
و من هنا يظهر وجه المناقشة في إشكال يتوجّه إلى الآية: و هو أنّ إطلاق الآية غير قابل للعمل به، ضرورة عدم وجوب التبيّن في المسائل العاديّة و القضايا الاجتماعية. مع صدق ذيلها فيها أيضا، فإنّ الآية الشريفة كأنّها بصدد الردع عن اتباع قول الفاسق، فيما يرتبط بالوحي و أحكام اللَّه، و ما يكون موضوعا لها، و على كلّ تقدير تكون الآية منصرفة عنها جدّاً.
و غير خفيّ: أنّ ظهور المنطوق في التعليق، و أنّ الحكم معلّق على مجيء الفاسق، و أنّه لا يناسب الشرط، لكونه محقّقا للموضوع هنا، يورث قوّة كون المفروض في المفهوم، ما لا يكون من السالبة بانتفاء الموضوع.
مناقشاتنا في الاستدلال بآية النبأ
إذا تبيّن ذلك فاعلم: أنّ لنا على الآية بعض مناقشات لا يمكن دفعها، بل قضيّة المناقشة الأولى دلالة المفهوم على عدم حجّية الخبر الواحد:
المناقشة الأولى:
اعلم أنّ توضيحها يتوقّف على بيان مقدّمتين:
[1]- جامع أحاديث الشيعة 1: 34 المقدّمات، الحديث 10.