ربّما يقال: إنّ الإجماع ليس حجّة عندنا، خلافا للمخالفين، فتكون الأدلّة ثلاثة: العقل، و الكتاب، و السنّة، فإنّ الإجماع لأجل الكشف عن السنّة حجّة، فتكون السنّة حجّة، لا الإجماع [1].
أقول: إنّ حجّية العقل صحيحة، لا بمعنى انكشاف الحكم به، فإنّ قاعدة الملازمة- كما مرّ [2]- من الأباطيل الواضحة، فليس معنى حجّية العقل، قبال ما يكون المراد من حجّية الكتاب و السنّة، فإنّ الكتاب و السنّة حجّتان كاشفتان عن الحكم، بخلافه، و هما ليسا إلاّ حجّة بمعنى واحد، و لا يتعدّد ذلك، لعدم الاختلاف بينهما. و مجرّد كون أحدهما قطعيّ الصدور لا يكفي، و إلاّ يلزم تعدّد الحجّة باختلاف الجهات العديدة.
فالحجّة على الأحكام بمعنى انكشاف الحكم بها، هي الظواهر من الكتاب و السنّة، لا غير، و أمّا الإجماع فهو حجّة، كما يكون قول زرارة حجّة، فلا معنى لسلب الحجّية عنه إلاّ بالمعنى المزبور، لأنّ المراد من «الحجّة» ما يحتجّ به المولى على العبد و بالعكس، و بهذا المعنى يكون الإجماع حجّة، كما يكون العقل حجّة.
و أمّا توهّم: أنّ ما هو الحجّة هو الحكم الثابت بالظواهر و الإجماع، فلا يكون الكتاب و السنّة حجّة، كما لا يكون الإجماع حجّة، فهو في غير محلّه، فإنّ الحكم شيء، و الحجّة عليه شيء آخر، فافهم و تدبّر.
و يمكن أن يقال: إنّ الإجماع حجّة، بمعنى حجّية الظواهر، لكونه كاشفا عن رأي المعصوم (عليه السلام) مثلها، فالعقل ليس بهذا المعنى حجّة مطلقا.