الشبهة الثالثة: في التفصيل بين المقصودين بالإفهام و غيرهم
حكي [1] عن المحقق القمّي (قدّس سرّه): «أنّ حجّية الظواهر مخصوصة بمن قصد إفهامه، دون من لم يقصد الإفهام بالكلام» [2].
و لا يحضرني الآن كتابه (رحمه اللَّه) إلاّ أنّ محتملات مرامه، بين ما يرجع إلى المناقشة في حجّية الظواهر على الإطلاق في خصوص غير المقصودين بالإفهام و الخطاب، و بين ما يرجع إلى المناقشة في خصوص الكتاب و السنّة، مريدا به انسداد باب العلميّ على كلّ تقدير.
و على كلّ حال: يكون المفروض عنده عدم فرض اختصاص المخاطب بالحكم، فإنّه واضح عدم حجّية الكلام بالنسبة إلى غيره، فيكون المفروض أعمّية مراد المولى، و اشتراك الكلّ في الحكم، و عندئذ فإلى م يرجع محصّل مقصوده؟! ضرورة أنّ لنا السؤال: أنّه هل أريد أنّ غير المقصودين و المقصودين، مشتركون في الحكم، إلاّ أنّ المواجهة و المخاطبة، حيث تكون مع أمثال المعاصرين الحاضرين مجلس الوحي و الحديث، فإذا اطلع غير المواجه على مفاد الكتاب و السنّة، يكون غير حجّة، لعدم كونه مقصودا بالخطاب و الإفهام حين الصدور، و لو كان الحكم مشتركا، و الدستور عامّا، فهل هذا المحقّق أراد ذلك، كما يظهر من جواب المستشكلين عليه: بإطلاق البناءات العقلائيّة؟! و لعمري، إنّه بعيد عنه و عن ظاهر بعض ما ينسب إليه، فعليه يظهر أنّه (رحمه اللَّه) يريد إنكار أمر آخر، كما سيظهر.
فربّما يقال: إنّ ظاهر كلامه إرجاع أصالة الظهور و عدم القرينة إلى أصالة عدم الغفلة، و هذا الأصل لا يجري بالنسبة إلى غير المقصودين و المخاطبين بالخطاب.