بقي شيء: في أنّه متى يجب إحراز اتحاد المرادين الحقيقي و الاستعمالي
قضيّة ما تحرّر في محطّ النزاع، أنّه لا تتوقّف حجّية الظاهر على كشف اتحاد المراد الحقيقيّ و الاستعماليّ، بل لو كان الكلام بحيث ينبغي و يصحّ أن يراد جدّاً، يكون حجّة على ما يأتي باحتمال الاتحاد المزبور، فلا بدّ من إحراز عدم الاتحاد لجواز القعود في قبال الأمر و النهي، و العامّ و المطلق.
نعم، الإفتاء على طبق هذا الكلام منوط بالكشف المذكور. فهذه المرحلة ممّا ليس يلزم طيّها لحجّية المراد الاستعماليّ على الوجه المزبور.
نعم، لا بدّ من طيّ هذه المرحلة، بمعنى أنّه بعد الفراغ من الاستعمال، لا يجوز- حسب الحكم العقلائيّ- القعود في قبال الكلام الواصل بمجرّد احتمال تعدّد المرادين، بل لا بدّ لجواز القعود من إحراز عدم إرادة المراد الاستعماليّ حقيقة، و إذا لم يحرز تجب الإطاعة، لتماميّة الحجّة.
لزوم البحث عن حجيّة الظهور بعد حصول المراحل الثلاث السابقة
إذا عرفت هذه المراحل الثلاث، و انعقد للكلام الواصل ظهور، تصل نوبة البحث عن حجّيته.
و توهّم: أنّه لا معنى للبحث عن الحجّية بعد ذلك، لأنّها حينئذ لا بدّ و أن تكون قطعيّة و ضروريّة، في غير محله، لأنّ ثبوت الظهور لا يلازم الحجّية، لإمكان ردع الشرع، فيكون ما هو الظاهر عند العقلاء، غير حجّة شرعا.
و بعبارة أخرى: البحث الأصوليّ هو البحث عن حجّية الظواهر، فلا بدّ هناك من ظاهر حتّى يقع محطّ البحث، و الظهور صفة لا تنعقد للكلام إلاّ بعد جريان