و ينبغي قبل الخوض فيها، من تحرير بعض ما يتعلّق بمطلق الظنون الخاصّة، أو خصوص الظواهر:
أحدها: في عدم البحث عن حجية الظواهر بعنوانها
ربّما يقال: إنّ ما هو الحجّة عند العقلاء، هو القطع، و الاطمئنان و الوثوق، و أمّا الأمارات- كالظواهر و غيرها- فهي الأسباب المورثة لهذه الحجج، و ليست هي حجّة إلاّ بالتسامح و بالعرض، و ذلك لأنّ كاشفيّة هذه الأمور و أماريّتها للواقع، غير معقولة، لعدم السنخيّة بينها و بين الواقع، بخلاف الصور التي تحصل بسببيّتها في نفوس العرف و العقلاء، فإنّها كواشف عن الواقعيّات، و بذلك يظهر: أنّ ما هو الحجّة هو الاطمئنان الشخصيّ و الوثوق، لا النوعيّ.
نعم، من كان من العقلاء، لا يشكّ بعد قيام خبر الثقة، و الظاهر، و اليد- و غير ذلك من الأمارات الكلّية و الجزئيّة- إلاّ في بعض الأحيان، و يكون خطورا بالبال، و يعدّ من الشكّ غير المستقرّ غير النافي للاطمئنان و الوثوق.
و لو كان للشكّ منشأ عقلائيّ، لقيام القرينة، أو ما يصلح للقرينيّة، فلا يكون حجّة واقعا، أي لا يحصل الوثوق و الاطمئنان و العلم العاديّ النظاميّ.
و لو رجع شكّه إلى غير هذا الأمر، فهو ملحق بالوسوسة و الشيطنة، و صاحبه يلحق بالآخرين في لزوم التبعيّة لهم. و لو أريد من الحجّية النوعيّة ذلك فلا