أقول: ما مرّ من حديث المساوقة- حتّى الوجه الأوّل الّذي أشير إليه في «الدرر» لشيخ مشايخنا، و جدّ أولادنا (قدّس سرّه) [1]- مبنيّ على ملاحظة حال الأفراد و المقايسة بالآحاد، فإنّه ربّما يعثر واحد على ما يدلّ على حجّية شيء، و لا يعثر الآخر عليه، فإذا كان الأمر كذلك، يكون حجّة بالقياس إلى الأوّل، دون الثاني، و ذلك لأنّ اعتبار الحجّية بالنسبة إلى غير العاثر الواصل، لغو قطعيّ، و لا أثر له لما لا يصحّ الاحتجاج به، فلا يكون وجه.
و أنت خبير: بأنّ الأحكام الطريقيّة و النفسيّة كلّها قانونيّة، لا جزئيّة و شخصيّة، فلا يلاحظ فيها حال الأشخاص و الآحاد بحسب الوصول و عدمه، بل الوصول في الجملة يكفي لاعتبار حجّية الخبر الموثوق به.
و توهّم: أنّ الشرع أو العقلاء يعتبرون لكلّ واحد من الأخبار حجّيته، و يلاحظون كلّ خبر في ذاته بالنسبة إلى وصوله و عدم وصوله، فاسد جدّاً، بل الملحوظ معنى كلّي، و هو أنّ الخبر الموثوق به أو خبر الثقة حجّة تأسيسا، أو إمضاء، فإذا صدر مثلا من الشرع خبر على أنّ إخبار ذي اليد حجّة، فلا وجه للشكّ في حجّيته، لأنّ كلّ خبر حجّة، و ليس الوصول شرطا عامّا لكلّ خبر، بل الوصول في الجملة شرط لاعتبار الحجّية، و هو حاصل بالضرورة.
و بعبارة أخرى: الشرع يعتبر مثلا حجّية خبر الثقة، و هذا أمر واقعيّ، و في مرحلة الاعتبار و الجعل لا يلاحظ فيه الحالات.
نعم، إذا لم تصل حجّية خبر الثقة بالمرّة في جميع الأعصار و الأمصار، يعدّ هذا من القانون غير القابل للإجراء، الراجع إلى امتناع اعتباره ثبوتا، و أمّا إذا كانت