ثم لا يخفى: أن ما ذكرناه في هذه المسألة مما يشير إليه بعضهم، كالشيخ في موضع من «الرسالة» [1] و «الكفاية» في أوائل مسألة القطع [2]، و الّذي كان يهمنا هو التفكيك بين مسألة ردع القطع عن المعذرية، و بين المسألة الآتية إن شاء اللَّه تعالى، و قد ابتلي بعض منهم بالخلط [3]. و عليه يترتب جواز نفي عذرية قطع الوسواس و القطاع و غيرهما، كما صرح به في «العروة الوثقى» [4] فراجع.
و من هنا يظهر: أن النزاع المعروف بين الأخباريين و الأصوليين [5] قابل للطرح، لأن من المحتمل أن يكون مرادهم من نفي حجية القطع الحاصل من غير الكتاب و السنة، نفي معذريته في صورة الخطأ، و لعل مقتضى إطلاق كلام الأصوليين كلا، أيضا عدم معذرية الجهل المركب التقصيري. و على ما ظهر يتبين أيضا فساد قول العلامة النائيني (رحمه اللَّه) من المناقشة في هذه المسألة [6]، فراجع.
و أما المسألة الثانية: و هي حول إمكان ردع الشرع عن اتباع المقطوع به حين القطع، فالمشهور المقطوع به في كلماتهم امتناعه [7]، معللين: «بلزوم اجتماع الضدين اعتقادا مطلقا، و حقيقة في صورة الإصابة» كما في «الكفاية» [8].
و فيه: ما مر في محله من أن التضاد الاصطلاحي، ممنوع بين الأحكام كلا، بل لا يلزم اجتماع الحكمين في محل واحد، لأن التحريم متعلق بالخمر، و التحليل