و تحصل حتى الآن و تبين فذلكة الكلام: و هي أن الأمارات تقوم مقام القطع الطريقي دون الصفتي، إذا كان مأخوذا على أصل الطريقية المشتركة، لا الطريقية المخصوصة به، و هي الكشف التام تكوينا.
و من الأصول ما يقوم مقام القطع بأقسامه كالاستصحاب، حتى الصفتي منه، و أما سائر الأصول فهي لا تقوم مقام القطع، إلا القطع بما أنه منجز و معذر.
و قد تبين أخيرا وجه المناقشة في قيام البراءة العقلية و الشرعية مقامه بما لا مزيد عليه، و اللَّه هو الموفق المؤيد.
الجهة التاسعة: في قيام الظن الانسدادي مقامه
فربما يقال بعدمه مطلقا، لأنه لا يصير في جميع التقادير حجة عقلية كالعقل، و لا شرعية كالأمارات، بل الأحكام في دائرة العلم الإجمالي، تكون متنجزة بالعلم الإجمالي، و إنما يجب في مقام الامتثال، الخروج من عهدة التكليف المتنجز بالعلم بالترتيب، فيقدم المظنون على المحتمل [1].
و يمكن دعوى: أن الظن بإصابة طائفة من التكاليف الواقع، و إن لم يكن مع قطع النّظر عن العلم الإجمالي حجة، و لكنه هو مرتبة من العلم الإجمالي الكبير، فكما أن الاحتمالات في أطراف العلم بكثرتها، ترجع إلى العلم في مقام رجوع الكثير إلى الواحد، و العلم هو نفس تلك الاحتمالات بأجمعها في مقام رجوع الواحد إلى الكثير، كذلك الأمر في مورد الظن، فيكون تنجز التكليف، مستندا إلى خصوصية الظن المقترن بالعلم.