و أما أنها ليست كسائر الأمارات، فلأنها ليست عقلائية كاشفة نوعا، فهي أيضا كسائر الأمارات في الآثار، كما لا يخفى.
و سيمر عليك احتمال كون جميع الأمارات العقلائية بناءات عقلائية، و مسألة الكشف و الأمارية عن الواقع مما لا أساس لها، لا شخصيا، و لا نوعيا، بل هذا الأمر من الغرائب الموجودة بين الناس، و تفصيله إن شاء اللَّه تعالى في كتاب الظن [1] [1].
الجهة الثالثة: في قيام الأمارات مقام القطع المأخوذ تمام الموضوع
فربما يمتنع ذلك، لأجل أن العلم المزبور يرجع إلى الصفتية، و يخرج عن الطريقية، ضرورة أن كون العلم تمام الموضوع، يلازم أن يكون الواقع في جنبه كالحجر في جنب الإنسان، فلا يبقى على الطريقية، و على هذا لا تقوم الأمارات مقامه بمجرد قيام الدليل على اعتبارها.
و بالجملة: ما يظهر من القوم من قيامها مقامه إذا كان مأخوذا على الطريقية و لو كان تمام الموضوع [2]، في غير محله.
اللهم إلا أن يقال: بأن المأخوذ في الدليل على الطريقية، إذا كان تمام الموضوع، يرجع إلى أن الواقع و إن لم يكن له المدخلية في الموضوع الشرعي، و لكنه مما لا بد منه، لما أنه بدون ذلك الموضوع لا يحصل العلم، و بدون الواقع
[1] بلغنا إلى هنا يوم پنج شنبه 13- جمادى الأولى 93 بمناسبت تعطيلى تابستان به تأخير افتاد. (منه (قدّس سرّه)).