مقدمات الانسداد، فإن البحث هنا في حجية العلم الإجمالي بالحمل الأولي، من غير لزوم كون الباحث عالما بشيء أو جاهلا، و فيما يأتي يكون في الحمل الشائع منه، فلا تخلط، كما يستشم من «التهذيب» [1].
و لا يتوهم أنه يلحق بهذا العلم و القطع، العلم العادي و الاطمئنان بحسب الأحكام في الجملة [2]. و دعوى قلة القطع بالحكم الواقعي غير مسموعة، فإن الأحكام الضرورية كثيرة جدا.
ثالثها: في أنه لا وجه لاعتبار قيد التكليف
اعلم: أن المسائل الأصولية، عبارة عن الصناعة الخاصة التي ينالها العقل و العقلاء، و يستعملونها في مسائلهم العرفية، و في القوانين العقلائية التي تكون لنظام الملك و الأمة في شتى الجهات، و مختلف الأمور. و علماء الشريعة أيضا- بما أنهم منهم- ألفوا تلك المباحث في محل خاص، و دخلوا في مباحثها لتنقيحها مستقلة، لكثرة الابتلاء بها، و لدورانها في شتى الفروع.
و لا معنى لكونها مخصوصة بعنوان «المكلف» أو «المجتهد» أو كذا و كذا، بل لكل أحد التدخل في هذه البحوث، و بعد ما خرج منها إما يحصل شيئا أم لا، فما ترى في كلمات القوم من قولهم: «إن المكلف إذا التفت ...» [3] أو «إن من وضع عليه قلم التكليف، إذا توجه ...» [4] كله ناشئ عن الغفلة، فإن لغير البالغ أيضا الدخول فيها، و ربما كان بعض علمائنا ينظرون فيها قبل بلوغهم، كما يمكن أن يتدخل فيها الكفار