الآية على أنّ الكفّار مكلّفون شرعا بالعبادة بما هي هي.
فتحصّل لحدّ الآن: أنّ الطائفة الأُولى أولى بالقرينة على الثانية من العكس.
و لأحدٍ أن يدّعي: أنّ الطائفة الأُولى تختصّ بالمؤمنين و أهل الولاية، لظهور الإيمان في ذلك، أو لأنّه فسّر في أخبارنا بذلك، أو لأنّ أهل الخلاف من الكافرين، كما عليه بعض أصحابنا [1]، فلا يكلّفون بالفروع أيضا، و اللَّه العالم.
ثمّ إنّ مفاد الطائفة الأُولى لا يورث عدم كون الكفّار مكلّفين بالفروع بالضرورة، فلو دلّ الدليل على أنّ القرآن هدى للناس، كما مرّ في آيات الطائفة الثانية، أو دلّ على أنّ اللَّه تعالى يبيّن آياته للناس، كما فيها أيضا، فقضيّة إطلاقهما- بل عموم الثانية- اشتراك الناس في جميع أنحاء الهدايات، و اشتراكهم في الآيات المبيّنة، فليتأمّل جيّدا.
الوجه الثاني:
ما أُشير إليه أخيرا، و هو أنّ قضيّة جملة من الآيات الشريفة أنّ الكتاب العزيز و القرآن كتاب الهداية، و أنّه يهدي الناس من غير كونه متقيّدا بطائفة، أو بجملة من الهدايات، بل لها إطلاق من الوجوه المحتملة.
و منها: قوله تعالى: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً[2] و هذه الآية بعد قوله تعالى: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ[3].
و توهّم اختصاصها بالهداية إلى الأصول دون الفروع، غير موجّه.
[1]- الحدائق الناضرة 3: 43، و 5: 175، و 18: 148، الدرر النجفيّة: 95.