لو دار الأمر بين التخصيص و التخصّص فما ذا يقتضي الأصل؟
و بعبارة أخرى: هل التحفّظ على أصالة العموم حتّى المقدور- بأن لا يصير العامّ مورد التخصيص- لازم، أم لا، أو يفصّل بين القول بالمجازيّة و عدمه؟
احتمالات، بل خلاف.
و الّذي هو التحقيق: أنّ مجرّد المحافظة على العموم غير لازم بما هو هو، فلو ورد مثلا «أنّ كلّ نجس منجِّس» ثمّ ورد «أنّ ماء الاستنجاء لا ينجِّس شيئا» لا ملزم للقول: بأنّ ماء الاستنجاء ليس بنجس، أخذا بعكس النقيض، و قولا بأنّه من العكوس المعتبرة و القضايا الصادقة، و كلّ ذلك لأجل انحفاظ العامّ عن التخصيص.
إن قلت: لا محيص عن ذلك إلاّ في بعض القضايا المهملة، كقولك: «إن الصلاة معراج المؤمن» أو «إنّها تنهى عن الفحشاء» فإنّ في أمثال هذه القضايا لا عكس إلاّ مهملة، لأنّ الأصل مهمل كما تحرّر، و لذلك ترى وجدانا أنّ الصلاة غير الناهية صلاة.
و أمّا في المثال الأوّل الّذي فيه الحكم على السريان و الاستغراق، و يكون العنوان الآخر أيضا من العناوين الكلّية، فلا بدّ من الالتزام بأصالة العموم، و الحكم بأنّ ماء الاستنجاء ليس بنجس.
و هكذا في مورد تكون القضيّة الثانية شخصيّة أو بمثابتها، فإنّه عقلا يكشف حال الفرد، فإنّ عكس نقيض «كلّ عالم يجب إكرامه» «أنّ من لا يجب إكرامه ليس بعالم، فزيد ليس بعالم».