يحتمل الوجهين، لعدم ظهور قوله: «ليس لا ينجّسه البول و الدم و الكلب» في العموم الاستغراقيّ، لاحتمال كون النّظر إلى المجموعيّ.
اللهمّ إلاّ أن يقال: إنّ قضيّة «واو» العطف هي: «أنّه ليس لا ينجّسه البول، و ليس لا ينجّسه الدم ...» إلى آخره، فتكون النتيجة أيضا إيجابا كلّيا.
فبالجملة: لا يمكن إفحام الشيخ (قدّس سرّه) في مقاله بما هجموا عليه في كتبهم المتأخّرة [1]، و تصير المسألة حينئذ عرفيّة، لا عقليّة.
و الّذي يتوجّه إليه (رحمه اللَّه) في هذه المقالة: أنّ المسألة عقليّة، لا عرفيّة حتّى يمكن الخلاف فيها، و من توجّه إلى أطرافها لا بدّ و أن يذعن بأنّ المفهوم في المثال المزبور إيجاب كليّ، و فيما كان إيجابا كليّا فهو سلب كليّ.
تذنيب: حول بعض مناقشات قضيّة الكرّ
ربّما يقال: بأنّ هذه القضيّة لا مفهوم لها، لأنّ الجزاء أمر عدميّ.
و فيه: أنّ الجزاء كما أشير إليه [2]، ليس معلول الشرط، بل الجزاء معلول الإرادة، و لا منع من تعلّقها بأمر اعتباريّ و بجعل قانون يستنتج منه أنّ المياه لا ينجّسها شيء. هذا مع أنّه يرجع في الثبوت إلى أمر ثبوتيّ، و هو اعتصام الماء البالغ كرّا.
و لأحد دعوى: أنّ المستفاد من المنطوق، ليس إلاّ أنّ آحاد الكرّ و مصاديقه لا ينجّسها مصاديق النجس، و أمّا أنّ كلّ مصداق من الكرّ لا ينجّسه جميع مصاديق النجس، فهو أمر مسكوت عنه، فلا يضرّ و لا ينفع خلاف الشيخين في المفهوم، لأنّ الإشكال ناشئ عن المنطوق.