لا يوجد في الفقه مورد يحرز السببيّة المطلقة حسب الدليل حتّى يكون صغرى هذه المسألة إلاّ شاذّا.
إذا حصّلت هذه الأمور، فمن ملاحظة بعض الوجوه السابقة- بضميمة حكم العقلاء، مع قطع النّظر عن القرائن الخاصّة- تكون أصالة عدم التداخل محكّمة.
اللهمّ إلاّ أن يقال: بأنّ مفروغيّة المسألة حسب نظر العقلاء عندنا غير واضحة، و إذا راجعنا الأمثلة الخاصّة في محيطهم- مع قطع النّظر عن الأمثلة الشرعيّة- نجد كثيرا ما خلاف ذلك، فالحقّ أنّ تأسيس الأصل اللفظيّ و العقلائيّ في هذه المسألة، في غاية الإشكال، لاختلاف الأمثلة، و لاختلاف خصوصيّات الموضوعات و الطبائع المأخوذة في نفس القضايا.
و إلى هذا يرجع القول بالتداخل في مسألة نواقض الوضوء، و مسوّغات التيمّم، و موجبات الغسل و أمثالها، و لا يظهر لي أنّ ذهاب الأصحاب رحمهم اللَّه في هذه المواقف إلى التداخل كان لأجل الإجماع أو القرائن الخاصّة، بل ربّما كان ذلك لشهادة نفس الموضوعات عليه، كما تشهد على عدم التداخل في مواقف اخر، و يشكل الأمر في ثالث، و اللَّه وليّ التوفيق.
الجهة الثالثة: حول تعدّد المسبّب و عدمه
بناء على تعدّد السبب و المسبّب، فهل يتداخل المسبّب، أم لا، أو يفصّل بين ما إذا تعدّد السبب شخصيّا، و ما لو تعدّد نوعيّا؟
و الكلام يقع في مقامات:
المقام الأوّل: في مرحلة الثبوت، و أنّه هل يعقل الالتزام بالتداخل، أم لا؟
و المقام الثاني: في أنّه بعد الفراغ من إمكان التداخل، هل يقتضي القواعد الأوّلية جوازه، أم لا؟