كان بسوء الاختيار- فإنّه ربّما لا يمكن استكشاف المبغوضيّة؛ لأجل سقوط الهيئة فرضا، و لا سبيل إلى كشفها إلاّ الهيئة الساقطة، فلا تخلط- كذلك لا يمكن إبطالها على القول بالتخيير؛ لأنّه يرجع إلى وجود الأمر الكافي للصحّة مع عدم العلم بالمبغوضيّة المنافية للتقرّب.
و بالجملة: كما يمكن تصحيح الصلاة و إن قلنا بغلبة جانب النهي، كذلك يمكن إبطالها و إن قلنا بغلبة جانب الأمر؛ و ذلك لأنّ الشيء الواحد إذا لم يمكن أن يكون مقرّبا و مبعّدا فلا يمكن أن يحصل القرب؛ لما فيه من جهة البعد و جهة مبغوضيّة المولى و إن لم يتمكن المولى من النهي عن تلك الجهة، فافهم و اغتنم.
التحقيق في جواز الاجتماع و عدمه
إذا تبينت هذه المقدّمات و تلك الأمور التي لا بدّ من الاطلاع عليها في فهم هذه المسألة، فلا بدّ من الورود في أصلها؛ و أنّه هل يجوز الاجتماع، أم لا، أو يقع في المسألة تفصيل؟
اعلم: أنّك قد أحطت فيما سبق بأنّ النزاع في هذه المسألة يقع على وجهين:
الوجه الأوّل: هو أنّ الاختلاف بين الأعلام يكون حيثيّا؛ أي في حيثيّة واحدة: و هي أنّ مجرّد اختلاف متعلّق الأمر و النهي عنوانا مع وحدة المعنون، يكفي لعدم لزوم غائلة اجتماع الأحكام المتضادّة و المتخالفة الغير القابلة للجمع، أم لا [1]، و في هذه الوجهة لا نظر إلى بعض الإشكالات الناشئة عن