الوجود، ظاهرة عليها من بطونها بعد ارتفاع الحجب عنها، أو بعد اتصافها بالملكية الداخلة في أصل وجودها، خلاقة للصور المفصلة.
هذا مع أن المعروف بين أبناء الفضيلة، أن النّفس و ما فوقها إنيات صرفة لا ماهية لها [1]، من غير لزوم التنافي مع القاعدة المعروفة «كل ممكن زوج تركيبي من ماهية و وجود» و للمسألة شأن آخر، و معلم و متعلم أعلى، فلتطلب من محالها.
و بعبارة أخرى: جعل النّفس بالجعل البسيط، يكفي عن جعل الإرادة و الاختيار الذاتيين، بخلاف الإرادة و العلم الزائدين على أصل وجودها، فإنهما يحتاجان إلى جعل آخر، فهذا هو المراد من «الذاتي» في المسألة، فلا تخلط، و لا تغتر بما في ظواهر سمعتها.
و المناط في تشخيص العناوين الذاتيّة عن غيرها: هو أن كل حيثية كانت النّفس عالمة بها بعلم حضوري- بمعنى أن علمها بنفسها كاف عن العلم بها- فهي داخلة في وجود النّفس، و لا يعقل جعل بينها و بين النّفس، و لا شبهة- وجدانا- في أن الاختيار مما يدركه النّفس بإدراك ذاتها، لا بصورة زائدة على ذاتها.
إن قلت: الاختيار الذاتي و الإرادة الذاتيّة، يستلزم التفويض.
قلت: كلا، فإن التفويض يستلزم وجوب الوجود، و الاستقلال في الفعل يلازم الاستقلال في الذات، و هذا غير لازم من تلك المسألة، فتدبر.
السادس: حول تقسيم الإرادة إلى التكوينية و التشريعية
من تلك المباحث بحث تقسيمها إلى الإرادة التكوينية و التشريعية، و هذا التقسيم ليس بلحاظ ذاتها، لعدم اختلافها في القسمين بحسب الحقيقة، بل التقسيم بلحاظ أمر خارج عنها متعلق بها، و هو متعلقها، و سرايته إليها لأجل كونها من