إن قيل: فلا داعي إلى إطلاق جعل المولى من الأول، بل المجعول مشروط، و هذا هو الدور المستحيل، و المعروف في اختصاص الحكم بالعالم [1].
قلنا: نعم، و لا نبالي من الالتزام بالاختصاص في مقام الإيجاب من أول الأمر، لعدم إمكان سريان الجهل إلى الشرع الأقدس، و لكنه لا يلزم منه الدور، لما تقرر منا في محله: من إمكان توقف فعلية الحكم على العلم بالحكم الإنشائيّ، و لا عكس، فلا دور [2].
مثلا: الشرع يعتبر وجوب السورة في الصلاة، فمن قام عنده طريق عليه، و علم بهذا الحكم الإنشائيّ، يتعين عليه السورة، و من قام عنده طريق على عدم وجوبها، أو أصل على عدم وجوبها، فلا فعلية له، فلا شرطية، و حيث إنه قد أتى بما هو وظيفته حسب الخطاب المشتمل على أصل التكليف، فلا مورد لبقاء الشرطية، فلا تخلط، و اغتنم جيدا.
هذا كله ما عندنا من الإجزاء في الأمارات. و لا نسمي مثل هذا التقديم- أي تقديم أدلة الأمارات على الأدلة المتكفلة للأحكام الواقعية- «حكومة» اصطلاحية، بل ذلك فهم المرام من القرائن المختلفة، و كشف تضيق الواقع من الأمارات الخاصة، فتدبر.
إشارة لبعض الوجوه على إجزاء الأمارات و نقدها
و هنا وجوه أخرى ربما تؤدي إلى الإجزاء في الأمارات في الجملة، و لا بأس بالإشارة الإجمالية إليها.