مثلا: في مسألة صلاة الجمعة و الظهر، ليس الوجوب تخييريا، بل الواجب بالذات هو الظهر، و الجمعة تكون مجزية عنه، و هذا ليس من الواجب التخييري اصطلاحا، الّذي يكون التخيير فيه مجعولا من أول الأمر.
و تظهر الثمرة في صورة الشك، فإنه على ما ذكرناه يتعين الاشتغال إذا لم يكن الدليل ناهضا على الإجزاء، بخلاف الأمر على ما أفاده القوم، فإنه يمكن اختيار البراءة، بناء على جريانها في دوران الأمر بين التعيين و التخيير.
و على هذا تعرف: أن مسألتنا هذه لو كانت من صغريات مسألة، فهي من صغريات هذه المسألة، لا تلك، فلا تغفل.
و ثانيا: ليست هذه المسألة من صغريات المسألتين السابقتين، ضرورة أن الواجب معلوم في أصله، و الأمر النفسيّ العيني واضح من أول الوقت، و إنما الشبهة في خصوصياته، فإن كان المكلف موضوع البدل، فيجوز له البدار إلى الترابية، فيكون ما هو المدعو إليه هي الصلاة الترابية، من غير كونها واجبة عليه بالتعيين، و إن لم يكن موضوعها، فلا بد من الصبر و الانتظار حتى يأتي بالمائية.
فما هو الواجب عليه موسعا هي الصلاة، و لا شبهة في ذلك، و لا ترديد فيه أصلا، و حيث لا دليل على حدود المكلف به من أول الوقت، لا سبيل إلى إيجاب التأخير، و لو أتى به أول الوقت يشك في ثبوت الأمر بالخصوصية بعد ما صار واجدا للماء، و الشك في سقوط التكليف ينشأ من الشك في حدوده، و حيث لا دليل عليه فالمرجع هي البراءة- كما أفاده «الكفاية» [2]- بلا شبهة و إشكال.