على القدرة و العلم في النّفس، يلزم عدم لزوم الامتثال.
فعلى هذا، تكون المسألة ذات جنبتين:
إحداهما: كونها كلامية إذا نظرنا إليها لأجل البحث حول الباري عز اسمه، و أن في ذاته تعالى- زائدا على أوصافه- تكون صفة أخرى مسماة ب «الطلب و الكلام النفسيّ» بالوجه الّذي يأتي، و إن لم تساعده اللغة فرضا، أو لا صفة له تعالى بذلك الاسم قبال علمه و قدرته و حكمته.
ثانيتهما: كونها عقلية و فلسفية إذا نظرنا إلى أن في دار التحقق، هل يكون للأمر الكذائي حد و ماهية، أم لا؟ و على الأول: ما هو حده و ماهيته؟ فالبحث عن أصل تحققه بحث مقدمي في الفلسفة العليا، كالبحث عن أصل تحقق الوجود، إلا على وجه سلكناه في «قواعدنا الحكمية» [1].
الجهة الثانية: في الإشارة الإجمالية إلى تاريخ المسألة
فإن له قدما في فهم ما هو المقصود في الباب.
كان الناس في أول طلوع الإسلام إلى زمان التابعين و بعدهم بمدة قصيرة، يأخذون المسائل الاعتقادية عن النبي الأكرم (صلى اللّه عليه و آله و سلم) و عن الأصحاب الخواصّ، و أمير المؤمنين عليه صلوات المصلين، و كانت شواغلهم في حياتهم الاجتماعية و السياسية، مانعة عن الغور في المباحث العقلية و الموضوعات الاعتقادية، و سدا عن التفكر فيما هو الخارج عن محيطهم البدوي، و أفقهم البسيط.
و بعد اختلاط المسلمين بغيرهم و امتزاجهم، و بعد تمامية عصر الخلفاء- و هو عصر إشغال الحواس و الأفكار- شرعوا رويدا رويدا في هذه المباحث، بعد ظهور