بإمكان تجزئة الحكم، أو امتناعه. فما ترى في كتب القوم: من الحكم بالإمكان مطلقا أو بالامتناع مطلقا، في غير محله، فليتدبر جيدا.
الجهة الثالثة: في مقتضى الاستصحاب
و هو مختلف فيه، فمن قائل: بأنه لا يفيد هنا شيئا، حتى على القول بجريان الاستصحاب في القسم الثالث من الكلي، لأن الحكم المنسوخ معدوم قطعا، و ما هو محتمل البقاء ليس من الحكم المجعول الشرعي، بل هو العنوان الجامع الانتزاعي، و هذا هو رأي الوالد المحقق- مد ظله- [1].
و من قائل بجريانه، بناء على كون الندب و الاستحباب من مراتب الوجوب، و الكراهة من مراتب الحرمة، و الإباحة و الجواز من مراتب الحكم، فإن وحدة القضيتين- المتيقنة، و المشكوكة- محفوظة بذهاب مرتبة، و بقاء مرتبة، فيستصحب بقاء أصل الحكم، كما يستصحب بقاء البياض، و هذا هو استصحاب الشخصي، لا الكلي [2].
و لكنه غير صحيح، لما عرفت منا: من أن الاستحباب و الندب بعنوانه وحده، غير مجامع للوجوب، و ما هو المجامع له- و هو أصل الحكم- و إن كان قابلا للبقاء حسبما تحرر، و لكنه في مرتبة تعلق اليقين لا تكثر في الحكم [3].
اللهم إلا أن يقال: إذا أمكن التجزئة في الحكم اعتبارا لما فيه الأثر المقصود، فلا بد من تكثر اليقين، و هو حاصل، و يكفي ذلك و لو كان في مرتبة الشك- أي عند الشك في بقاء أصل الحكم- يتذكر ثبوت اليقين بأصل الحكم في الزمان السابق،